أصله من المغرب وسكن تينات، وهي قرية من قرى أنطاكية. ويقال له الأقطع، لأنه كان مقطوع اليد. وكان سبب ذلك أنه كان في جبال أنطاكية وحواليها يطلب المباح وينام بين الجبال وأنه عاهد الله تعالى أن لا يأكل من ثمر الجبال إلا ما طرحته الريح. فبقي أياماً لم تطرح إليه الريح شيئاً. فرأى يوماً شجرة كمثرى فاشتهى منها فلم يفعل. فأمالتها الريح إليه فأخذ واحدة. واتفق أن لصوصاً قطعوا هنالك الطريق وجلسوا يقتسمون. فوقع عليهم السلطان فأخذهم وأخذ معهم فقطعت أيديهم وأرجلهم وقطعت يده، فلما هموا بقطع رجله عرفه رجل فقال للأمير: أهلكت نفسك، هذا أبو الخير. فبكى الأمير وسأله أن يجعله في حل. ففعل وقال: أنا أعرف ذنبي.
منصور بن عبد الله قال: قال أبو الخير: الدعوى رعونة لا يحتمل القلب إمساكها، فليلقها إلى اللسان فتنطق بها ألسنة الحمقى. قال: وسمعته يقول: دخلت مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنا بفاقة فأقمت خمسة أيام ما ذقت ذوماأ فتقدمت إلى القبر فسلمت على النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وقلت أنا ضيفك الليلة يا رسول الله وتنحيت فنمت خلق المنبر فرأيت في النوم النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر عن يمينه، وعمر عن شماله، وعلي ابن أبي طالب بين يديه. فحركني علي وقال لي: قم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقمت إليه وقبلت بين عينيه، فدفع إلي رغيفاً فأكلت نصفه وانتبهت وإذا في يدي نصف رغيف.
إبراهيم بن محمد المراغي قال: سمعت أبا الخير التيناتي يقول: بقيت بمكة سنة فأصابني ضر وفاقة، فكلما أردت أن أخرج إلى المسألة هتف بي هاتف يقول: الوجه الذي يسجد لي تبذله لغيري؟.
٨٠٦ - هو: أبو الخير الأقطع التيناتي، له الآيات، توفي بعد الأربعين، كان الهوام والسباع يأنسون بمجالسته ويأوون إليه، كان ينسج الخوص إحدى يديه، انظر حلية الأولياء ١٠/٤٠٧.