محمد بن أحمد النيسابوري قال: سمعت ذا النون يقول: بينا أنا في بعض جبال بيت المقدس سمعت صوتاً وهو يقول: ذهبت الآلام عن أبدان الخدام وولهت بالطاعة عن الشراب والطعام، وألفت أبدانهم طول القيام بين يدي الملك العلام. فتبعت الصوت فإذا شاب أمرد قد علا وجهه اصفرار يميل ميل الغصن إذا ميلته الريح، وعليه شملة قد اتزر بها، وأخرى قد اتشح بها. فلما رآني توارى عني بالشجر فقلت له: أيها العالم، الجفاء ليس من أخلاق المؤمنين. فكلمني وأوصني. فخر ساجداً وجعل يقول: هذا مقام من لاذ بك واستجار بمعرفتك، وألف محبتك فيا إله القلوب وما تحويه من جلال عظمتك احجبني عن القاطعين لي عنك. قال ذو النون: ثم غاب عني فلم أره.