أبو بكر محمد بن ثوابة المعبر قال: كنت مصاعداً إلى الجبل في باب حلوان أيام الشتاء وعلي دثار وسروالان، أحدهما مبطن، على غاية مما يكون من الشدة، فلقيني رجل عليه خرقتان لا يتوارى بغيرهما. فعارضته مراراً ويروغ مني، فقلت له: لأي شيء تفر مني أنا سبع؟ فقال: لو لقيني سبعون سبعاً كان أهون علي من لقائك. فقلت أنا أمر كذا وأنت تمضي كذا قل لي شيئاً ومر في ودائع الله تعالى. فقال: تسمع؟ فقلت: نعم. فأنشأ يقول:
إذا ما عدت النفس ... عن الحق زجرناها
وإن مالت إلى الدنيا ... عن الأخرى منعناها
تخادعنا ونخدعها ... وبالصبر غلبناها
لها خوف من الفقر ... وفي الفقر أنخناها
قال: فجئت إبراهيم بن شيبان بعد أربعة أيام أو خمسة، وقد فرقت جميع ما علي من الدثار. فلما دخلت عليه قال: من لقيت فوصفت له. فقال: أبو محمد البسطامي في ذلك اليوم خرج من عندنا. وقال: أي شيء جرى بينك وبينه؟ فحدثته فأمر ابنه إسحاق فكتبها.