وكل عضو يألم على حدته من الوجع، وإن ذلك لبعين الله أحبه إلي أحبه إلى الله، وما قدر ما أخذ ربي مني؟ وددت أن ربي قطع مني الأعضاء التي اكتسبت بها الإثم، وأنه لم يبق مني إلا لساني يكون له ذاكراً. قال: فقال له رجل: متى بدأت بك هذه العلة؟ فقال: الخلق كلهم عبيد الله وعياله، فإذا نزلت بالعباد علة فالشكوى إلى الله ليس يشتكى إلى العباد.
٨٠٩ - عابد مصيصي
علي بن الحسن قال: كان رجل بالمصيصة ذاهب نصفه الأسفل لم يبق منه إلا روحه في بعض جسده، ضرير على سرير مثقوب فدخل عليه داخل فقال له: كيف أصبحت يا أبا محمد؟ قال: ملك الدنيا، منقطع إلى الله عز وجل ما لي إليه من حاجة إلا أن يتوفاني على الإسلام.
٨١٠ - عابد من أهل بيروت
أبو عبد الرحمن الأزدي قال: كنت أدور على حائط بيروت فمررت برجل متدلي الرجلين في البحر وهو يكبر. فاتكأت على الشرافة التي إلى جنبه فقلت: يا شاب مالك جالساً وحدك؟ قال: اتق الله ولا تقل لي إلا حقاً، ما كنت قط وحدي منذ ولدتني أمي، إن معي ربي حيث ما كنت، ومعي ملكان يحفظان علي، وشيطان ما يفارقني فإذا عرضت لي حاجة إلى ربي عز وجل سألته إياها ولم أسأله بلساني، فجاءني بها.
ومن المصطفيات من عابدات الثغور:
٨١١ - زينب الطبرية
هارون بن الحسن قال: سمعت سلماً الخواص يقول: كانت عندنا جارية يقال لها زينب، وكانت تحسن خدمة مولاها، فذهبت أسلم عليها فقالت: يا أبا محمد كنت منذ ليال قائمة أخدم مولاي فغلبتني عيني فسمعت قائلاً يقول:
صلاتك نور والعباد رقود ... قومي فصلى للغفور الودود
قال: وخرجت يوماً في حاجة فعثرت فانقطع إصبع من أصابعها قال: فاجتمعنا رجالاً ونساء نعزيها في إصبعها، فقالت: يا إخوتي وأخواتي أنساني لذة ثوابها وجعها فوهب الله لي ولكم الرضا والعفو عما مضى، قوموا حتى نخدم من الطريق عليه غداً.