يا أبا سعيد ما تأمرني، فلا يجيبني. قال: فقلت يا أبا سعيد أتيتك ثلاثة أيام أسألك وأنت معلمي فلا تجيبني، فوالله لقد هممت أن آخذ الأرض بقدمي وأشرب من أفواه الأنهار وآكل من بقل البرية حتى يحكم الله عز وجل بين عباده. قال: فأرسل الحسن عينيه باكياً ثم قال: يا مالك ومن يطيق ما تطيق، ولكنا والله ما نطيق هذا.
قال جعفر: وكنت عند مالك بن دينار فجاء هشام بن حسان، وكان يأتيه هشام ابن حسان وسعيد بن أبي عروبة وحوشب يطلبون قلوبهم، فجاء هشام فقال: أين أبو يحيى؟ قلنا: عند البقال. قال: قوموا بنا إليه. قال: فحانت منه نظرة إلى هشام فقال: يا هشام إني أعطي هذا البقال كل شهر درهماً ودانقين فآخذ منه كل شهر ستين رغيفاً كل ليلة رغيفين فإذا أصبتهما سخناً فهو أدمهما، يا هشام إني قرأت في زبور داود: إلهي رأيت همومي وأنت من فوق العلى، فانظر ما همومك يا هشام.
عن السري بن يحيى عن مالك بن دينار قال: أخذ السبع صبياً لامرأة فتصدقت بلقمة. فألقاه، فنوديت: لقمة بلقمة.
جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار قال: إن الله جعل الدنيا دار مفر والآخرة دار مقر فخذوا لمقركم وأخرجوا الدنيا من قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم، ولا تهتكوا أستاركم عند من يعلم أسراركم، ففي الدنيا حييتم ولغيرها خلقتم؛ إنما مثل الدنيا كالسم أكله من لا يعرفه واجتنبه من عرفه ومثل الدنيا مثل الحية مسها لين وفي جوفها السم القاتل يحذرها ذوو العقول ويهوي إليها الصبيان بأيديهم.
الحارث بن نبهان قال: قدمت من مكة فأهديت إلى مالك بن دينار ركوة. قال: فكانت عنده فجئت يوماً فجلست في مجلسه. فلما قضاه قال لي: يا حارث تعال خذ الركوة، فقد شغلت علي قلبي. فقلت: يا أبا يحيى إنما اشتريتها لك تتوضأ فيها وتشرب. فقال: يا حارث إني إذا دخلت المسجد جاءني الشيطان فقال لي: يا مالك إن الركوة قد سرقت فقد شغلت علي قلبي.
جعفر قال: قلنا لمالك بن دينار، ألا تدعو قارئاً؟ قال: إن الثكلى لا تحتاج إلى نائحة. فقلنا له ألا تستقي؟ فقال: أنتم تستبطئون المطر لكني أستبطئ الحجارة.
جعفر قال: رأيت مالك بن دينار يتقنع بعباء، أو قال بكساء، ثم يقول: إله مالك، قد علمت