جعفر قال: كان حبيب أبو محمد رقيقاً من أكثر الناس بكاء. فبكى ذات ليلة كثيراً فقالت عمرة بالفارسية: لم تبكي يا أبا محمد؟ فقال لها حبيب: دعيني فإني أريد أن أسلك طريقاً لم أسلكه قبل.
قال: وسمعت حبيباً يقول والله إن الشيطان ليلعب بالقراء كما يلعب الصبيان بالجوز. ولو أن الله دعاني يوم القيامة فقال: يا حبيب فقلت: لبيك، فقال: جئني بصلاة يوم أو صوم يوم أو ركعة أو سجدة أو تسبيحة اتقيت عليها من إبليس أن يكون طعن فيها طعنة فأفسدها، ما استطعت.
وسمعت حبيباً يقول: لا تقعدوا فراغاً فإن الموت يليكم.
جميل أبو علي قال: قال حبيب: إن من سعادة المرء إذا مات ماتت معه ذنوبه.
خلف بن الوليد قال: اشترى حبيب الفارسي نفسه من ربه أربع مرات بأربعين ألف درهم. أخرج بدرة فقال: يا رب اشتريت منك نفسي بهذه. ثم أخرج بدرة أخرى فقال: إلهي إن كنت قبلت تلك فهذه شكر لها. ثم أخرج الثالثة فقال: إلهي إن كنت لم تقبل الأولى والثانية فاقبل هذه. ثم أخرج الرابعة فقال: إلهي إن كنت قبلت الثالثة فهذه شكر لها.
أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان الداراني يقول: كان حبيب أبو محمد يأخذ متاعاً من التجار يتصدق به فأخذ مرة فلم يجد شيئاً يعطيهم فقال: يا رب كأنه، أي ينكسر وجهي عندهم فدخل فإذا هو بجوالق من شعر كأنه نصب من أرض البيت إلى قريب السقف مملوءاً دراهم فقال: يا رب ليس أريد هذا، فأخذ حاجته وترك البقية.
مسلم بن إبراهيم قال: إن رجلاً أتى حبيباً فقال: إن لي عليك ثلاثمئة درهم قال: من أين؟ قال: لي عليك ثلاثمئة درهم. قال حبيب: اذهب إلى غد. فلما كان من الليل توضأ وصلى وقال: اللهم إن كان صادقاً فأد إليه وإن كان كاذباً فابتله في بدنه. قال: فجيء بالرجل من غد قد حمل وقد ضرب شقه الفالج. فقال: ما لك؟ قال: أنا الذي جئتك بالأمس، لم يكن لي عليك شيء وإنما قلت يستحيي من الناس فيعطيني. فقال له: تعود؟ قال: اللهم إن كان صادقاً فألبسه العافية. فقام الرجل على الأرض كأن لم يكن به شيء.
عن السري بن يحيى قال: اشترى أبو محمد حبيب طعاماً في مجاعة أصابت الناس فقسمه على المساكين ثم خاط أكيسة فجعلها تحت فراشه ثم دعا الله فجاء أصحاب الطعام يتقاضونه فأخرج تلك الأكيسة فإذا هي مملوءة دراهم فوزنها فإذا هي حقوقهم فدفعها إليهم.