للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يقول: إن العافية سترت البر والفاجر، فإذا جاءت البلايا استبان عندها الرجلان فجاءت البلايا إلى المؤمن فأذهبت ماله وخادمه ودابته حتى جاع بعد الشبع ومشى بعد الركوب وخدم نفسه بعد أن كان مخدوماً فصبر ورضي بقضاء الله عز وجل، وقال: هذا نظر من الله عز وجل لي، هذا أهون لحسابي غداً. وجاءت البلايا إلى الفاجر فأذهبت ماله وخادمه ودابته فجزع وهلع وقال: والله ما لي بهذا طاقة، والله لقد عودت نفسي عادة ما لي عنها صبر من الحلو والحامض والحار والبارد ولين العيش، فإن هو أصابه من الحلال وإلا طلبه من الحرام والظلم ليعود إليه ذلك العيش.

وكان يقول: إنسانان معذبان في الدنيا: غني أعطي دنيا فهو بها مشغول، وفقير زويت عنه فهو يتبعها نفسه فنفسه تقطع عليها حسرات.

وكان يقول: الناس ثلاثة: فرجل ابتكر الخير في حداثة سنه ثم داوم عليه حتى خرج من الدنيا، فهذا المقرب. ورجل ابتكر عمره بالذنوب وطول الغفلة ثم راجع توبة، فهذا صاحب يمين، ورجل ابتكر الشر في حداثة سنه ثم لم يزل فيه حتى خرج من الدنيا، فهذا صاحب شمال.

أبو عمر الضرير قال: أنبأنا عبيد الله بن شميط قال: سمعت أبي يقول: أيها المغتر بطول صحته أما رأيت ميتاً قط من غير سقم؟ أيها المغتر بطول المهلة أما رأيت مأخوذاً قط من غير عدة، أبالصحة تغترون؟ أم بطول العافية تمرحون؟ أم بالموت تأمنون؟ أم على ملك تجترئون؟ إن ملك الموت إذا جاء لم يمنعه منك ثروة مالك ولا كثرة احتشادك. أما علمت أن ساعة الموت ذات كرب شديد وغصص وندامة على التفريط؟ ثم يقول: رحم الله عبداً عمل لساعة الموت. رحم الله عبداً عمل لما بعد الموت، رحم الله عبداً نظر لنفسه قبل نزول الموت.

أسند شميط عن جماعة من التابعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>