للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال وجعل يبكي وهو لا يشعر بمكاني، فلما رأيت ذلك انصرفت وتركته.

محمد بن عبد الله قال: صليت مع رياح القيسي الظهر، فصليت إلى جانبه فجعلت دموعه تقع على البواري مثل الوكف: طق طق. قال وكان رياح ربما أخذ حفنة من تراب ثم يضعها على البوري ويسجد عليها. وربما وجد رياح في بعض السكك، وقد غشي عليه فيحمل إلى أهله مغشياً عليه.

محمد بن مسعر قال: كان لرياح القيسي غل من حديد قد اتخذه وكان إذا جنه الليل وضعه في عنقه وجعل يتضرع ويبكي حتى يصبح.

عثمان قال: أخبرتني مخة وكانت إحدى العوابد قالت: رأيت رياح بن عمرو القيسي ليلة خلف المقام فذهبت فقمت خلفه حتى أزحفت ثم اضطجعت وهو قائم، وأنا أنظر إليه، فقلت بصوت حزين: سبقني العابدون وبقيت وحدي، والهف نفساه، فإذا رياح قد شهق وانكب على وجهه مغشياً عليه. فامتلأ فمه رملاً، فما زال كذلك حتى أصبحنا ثم أفاق.

الحارث بن سعيد قال: أخذ بيدي رياح فقال: هلم يا أبا محمد حتى نبكي على مر الساعات ونحن على هذه الحال. قال وخرجت معه إلى المقابر، فلما نظر إلى القبور صرخ ثم خر مغشياً عليه، قال: فجلست والله عند رأسه أبكي فأفاق فقال: ما يبكيك؟ قلت: لما أرى بك. قال: لنفسك فابك. ثم قال: وانفساه، وانفساه، ثم غشي عليه.

قال: فرحمته والله مما نزل به فلم أزل عند رأسه حتى أفاق فوثب وهو يقول: {تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ} {تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ} النازعات.

ومضى على وجهه وأنا أتبعه لا يكلمني حتى انتهى إلى منزله فدخل وأصفق بابه ورجعت إلى أهلي ولم يلبث بعد ذلك إلا يسيراً حتى مات.

أسند رياح عن حسان بن أبي سنان وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>