يا غلام ائتني ببدرة دراهم فجاء بها فقال: ائتني بغلام فراش فجاء فقال: احمل هذه البدرة مع هذا الرجل حتى تدفعها إلى من أمرنا.
ففرحت ثم قمت مسرعاً فلما أتيت الباب سلمت فاجابني أبو عبد الله ثم خرج إلي. فلما رأى الفراش والبدرة على عنقه كأني سفيت في وجهه الرماد وأقبل علي بغير الوجه الأول فقال: ما لي ولك يا هذا؟ أتريد أن تفتنني؟ فقلت: يا عبد الله اقعد حتى أخبرك أنه من القصة كذا وكذا، وهو الذي تعلم أحد الجبارين، يعني محمد بن سليمان، ولو كان أمري أن أضعها حيث أرى لرجعت إليه فأخبرته إني قد وضعتها. فالله الله في نفسك. فازداد علي غيظاً وقام فدخل منزله وأصفق الباب في وجهي، فجعلت أقدم وأؤخر ما أدري ما أقول للأمير. ثم لم أجد بداً من الصدق فجئت فأخبرته الخبر فقال: حروري والله، يا غلام علي بالسيف. فجاء بالسيف فقال له: خذ بيد هذا الغلام حتى يذهب بك إلى هذا الرجل فإذا أخرجه إليك فاضرب عنقه وائتني برأسه، قال إبراهيم: فقلت أصلح الله الأمير، الله الله، فوالله لقد رأينا رجلاً ما هو من الخوارج ولكني أذهب فآتيك به وما أريد بذلك إلا افتداء منه. قال فضمننيه فمضيت حتى أتيت الباب فسلمت فإذا المرأة تحن وتبكي، ثم فتحت الباب وتوارت فأذنت لي فدخلت فقالت: ما شأنكم وشأن أبي عبد الله؟ فقلت: ما حاله؟ قالت: دخل فمال إلى الركى فنزع منها ماء فتوضأ ثم سمعته يقول: اللهم اقبضني إليك ولا تفتني. ثم تمدد وهو يقول ذلك.
فلحقته وقد قضى فهو ذاك ميت. فقلت: يا هذه إن لنا قصة عظيمة فلا تحدثوا فيه شيئاً. فجئت محمد بن سليمان وأخبرته الخبر فقال: أنا أركب فأصلي على هذا.
قال: وشاع خبره بالبصرة فشهده الأمير وعامة أهل البصرة. رحمة الله عليه.