للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثر السجود. فقلت لها: يا بنة أم حسان ألا تأتين عبد الله بن شهاب بن عبد الله؟ فلو رفعت إليه رقعة فلعله أن يعطيك من زكاة ماله ما تغيرين به بعض الحاجة التي أراها بك. فدعت بمعجر فاعتجرت به وقال: يا سفيان قد كان لك في قلبي رجحان كثير فقد أذهب الله برجحانك من قلبي، يا سفيان تأمرني أن أسأل الدنيا من لا يملكها؟.

قال سفيان: وكان إذا جن عليها الليل دخلت محراباً لها وأغلقت عليها ثم نادت: إلهي خلا كل حبيب بحبيبه، وأنا خالية بك يا محبوب، فما كان من سخن يسخن من عصاك إلا جهنم، ولا عذاب إلا النار.

قال سفيان، فدخلت عليها بعد ثلاث فإذا الجوع قد أثر في وجهها. فقلت لها: يا بنت أم حسان إنك لن تؤتي أكثر مما أوتي موسى والخضر عليهما السلام، إذ أتيا أهل قرية استطعما أهلها.

فقالت: يا سفيان قل الحمد لله. فقلت: الحمد لله. فقالت: اعترفت له بالشكر؟ قلت: نعم. قالت: وجب عليك من معرفة الشكر شكر وبمعرفة الشكرين شكر لا ينقضي أبداً.

قال سفيان: فقصر، والله علمي وفه لسانه فوليت أريد الخروج. فقالت: يا سفيان كفى بالمرء جهلاً أن يعجب بعلمه، وكفى بالمرء علماً أن يخشى الله. اعلم أنه لن تنقى القلوب من الردى حتى تكون الهموم كلها في الله هماً واحداً.

قال سفيان فقصرت إلي والله نفسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>