عابد بعبادان قال: مكثت ستة أيام لم أطعم شيئاً. قال: قلت أجرب نفسي على الصبر. فلما كانت الليلة السابعة دخل في قلبي من ذلك سرور، ورأيت أني قد صبرت وعملت شيئاً فإذا بقائل يقول: لم تبلغ كنه الصابرين، إنما الصابرون المستقلون لأعمالهم، الخائفون عليها من فسادها، الوجلون من ردها عليهم، فأولئك هم الصابرون.
٦٣٩ - عابد آخر
أحمد بن محمد البزاز قال: كنت بعبادان وكانت ليلة عاشوراء، فدخلت إلى دار السبيل فرأيت فقيراً جالساً يأكل خبز الشعير وملحاً جريشاً فاحترق قلبي عليه وكان معي ألف دينار للتفرقة بعبادان فسألت عنه فقيل: هو أفضل من ههنا في الزهد ومنازلة الفقر فقلت في نفسي: أعطيه الدنانير التي معي فإني لا أعرف المستحقين.
فلما أصبحنا قصدته وسلمت عليه وجلست إليه وباسطني وباسطته فقلت له: رأيت الشيخ البارحة يأكل خبز الشعير وملحاً جريشاً وأعلم أنه كان صائماً فحملت إليه شيئاً ليتحكم فيه. وقدمت إليه الكيس وقلت له: هو ألف دينار فشدد النظر وقال: خذه فإن هذا جزاء من أفشى سره إلى الناس.
٦٤٠ - عابد آخر
أبو الخير الأسود المعروف بالعسقلاني قال: كان بعبادان رجل زنجي مفلفل الشعر يأوي الخربات، فحملت معي شيئاً وطلبته فلما رفع بصره تبسم وأشار بيده إلى الأرض، فرأيت حولي حيث أرى دراهم ودنانير تلمعان. ثم قال لي: هات ما معك فناولته وهربت وهالني أمره.
٦٤١ - عابد آخر
عبد الله بن محمد قال: كتب إلي إسحاق بن موسى الأنصاري يذكر أن عباد بن كليب حدثهم قال: كنت بعبادان فرأيت شاباً من قريش عليه جبة صوف فسمعته يقول: إن لله عباداً يستروحون إلى الغموم فقلت: يرحمك الله تلبس الصوف؟ فقال: إنما أنا عبد فإذا أعتقت لبست فذكرت ذلك لشريك فقال: ما أكره الصوف لمثل هذا، ما خرج هذا الكلام إلا من كنز.