للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشهرة ولا تظهر من نفسك أنك تحب الخمول فترفع نفسك فإن دعواك الزهد من نفسك هو خروجك من الزهد لأنك تجر إلى نفسك الثناء والمدحة.

أشعث بن شعبة المصيصي قال: قدم هارون الرشيد الرقة فانجفل الناس خلف عبد الله بن المبارك وتقطعت النعال وارتفعت الغبرة وأشرفت أم ولد أمير المؤمنين من برج من قصر الخشب فلما رأيت الناس قالت: ما هذا؟ قالوا: عالم من أهل خراسان قدم الرقة يقال له عبد الله بن المبارك. فقالت: هذا والله الملك لا ملك هارون الذي لا يجمع الناس إلا بشرط وأعوان.

سويد بن سعيد قال: رأيت عبد الله بن المبارك بمكة أتى زمزم فاستقى منها ثم استقبل الكعبة فقال: اللهم إن ابن أبي الموالي حدثنا عن محمد بن المنكدر عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ماء زمزم لما شرب له" ١ وهذا أشربه لعطش القيامة، ثم شربه.

نعيم بن حماد قال: كان ابن المبارك إذا قرأ كتاب الرقاق فكأنه بقرة منحورة، من البكاء، لا يجترئ أحد منا أن يدنو منه أو يسأله عن شيء.

قال سفيان: إني لأشتهي من عمري كله أن أكون سنة واحدة مثل عبد الله بن المبارك فما أقدر أن أكون ولا ثلاثة أيام.

عمران بن موسى الطرسوسي قال: جاء رجل فسأل سفيان الثوري عن مسألة، فقال له من أين أنت؟ قال: من أهل المشرق. قال: أوليس عندكم أعلم أهل المشرق؟ قال: ومن هو يا أبا عبد الله؟ قال: عبد الله بن المبارك. قال: وهو أعلم أهل المشرق؟ قال: نعم وأهل المغرب.

قال ابن عيينة: نظرت في أمر الصحابة وأمر ابن المبارك فما رأيت لهم عليه فضلاً إلا بصحبتهم النبي صلى الله عليه وسلم وغزوهم معه.

حبان بن موسى قال: عوتب ابن المبارك فيما يقري من المال في البلدان ولا يفعل في أهل بلده كذلك، فقال: إني أعرف مكان قوم لهم فضل وصدق طلبوا الحديث وأحسنوا


١ صحيح: أخرجه ابن ماجة الحديث ٣٠٦٢ والدارقطني في سننه الحديث ٢/٢٨٩ والحاكم في المستدرك ١/٤٧٣ والخطيب في تاريخ بغداد ٣/١٧٩ وتلخيص الحبير ٢/٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>