الخراساني: لو قصدت الله عز وجل دون خلقه أغناك، فقال السائل: ما لي هذا المكان، فقال له الخراساني: أي شيء تريد؟ فقال: ما سد فاقتي وستر عورتي. فقام الخراساني إلى المحراب وصلى ركعتين ثم أتاه بثوب جديد وطبق فيه فاكهة وأعطاه السائل. قال ذو النون: فقلت له: يا عبد الله لك هذا الجاه عند الله عز وجل وأنت منذ سبعة أيام لم تطعم شيئاً؟ فجثا على ركبتيه وقال: يا أبا الفيض، كيف نبسط الألسن بالمسألة والقلوب ممتلئة بأنوار الرضا عنه؟.
قال ذو النون: فقلت له: فالراضون لا يسألون شيئاً. فقال: منهم من يسأل من باب الإدلال، ومنهم من يملؤه غنى به، ومنهم من يستخرج المسألة منه عطفه على غيره. ثم أقيمت الصلاة فصلى معنا العشاء الآخرة وأخذ ركوته وخرج من المسجد كأنه يريد الطهارة. فلم أره بعد ذلك رضي الله عنه وأرضاه.
٧٢٠ - عابد من وراء النهر
عبد الله بن الفرج قال: حدثني إبراهيم بن أدهم بابتدائه كيف كان، قال: كنت يوماً في مجلس لي له منظرة إلى الطريق فإذا أنا بشيخ عليه أطار، وكان يوماً حاراً فجلس في فيء القصر ليستريح فقلت للخادم: اخرج إلى هذا الشيخ فأقرئه مني السلام وسله أن يدخل إلينا فقد أخذ بمجامع قلبي. فخرج إليه فقام فدخل إلي فسلم فرددت عليه السلام واستبشرت بدخوله؛ وأجلسته إلى جانبي وعرضت عليه الطعام فأبى أن يأكل. فقلت له: من أين أقبلت؟ فقال: من وراء النهر. فقتل: أين تريد؟ قال: الحج إن شاء الله. قال وكان ذلك أول يوم من العشر أو الثاني. فقلت: في هذا الوقت؟ قال: يفعل الله ما يشاء. فقلت: فالصحبة؟ فقال: إن أحببت ذلك. حتى إذا كان الليل قال لي: قم فلبست ما يصلح للسفر وأخذ بيدي وخرجنا من بلخ فمررنا بقرية لنا فلقيني رجل من الفلاحين فأوصيته ببعض ما أحتاج إليه فقدم إلينا خبزاً وبيضاً، وسألنا أن نأكل فأكلنا، وجاء بماء فشربنا ثم قال: بسم الله قم، فأخذ بيدي فجعلنا نسير وأنا أنظر إلى الأرض تجذب من تحتنا كأنها الموج فمررنا بمدينة بعد مدينة فجعل يقول: هذه مدينة كذا، وهذه مدينة كذا، هذه الكوفة، ثم إنه قال لي: الموعد ها هنا في مكانك هذا في الوقت الفلاني، يعني من الليل. حتى إذا كان الوقت إذا به قد أقبل فأخذ بيدي وقال: بسم الله. باسم الله. قال: فجعل يقول: هذا منزل كذا، هذا منزل كذا، وهذا منزل كذا، وهذه فيدور، هذه المدينة. وأنا أنظر إلى الأرض تجذب من تحتنا كأنها الموج. فصرنا إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فزرناه ثم فارقني وقال لي: الوعد في الوقت من الليل في المصلى، حتى