يوم الجمعة، فاستقبلني الغضب وحضرتني نية أن أقوم فأعظه بما أعرف من فعله إذا نزل. قال: فتفكرت أن أقوم إلى الخليفة فأعظه والناس جلوس يرمقوني بأبصارهم. فيعرض لي تزين فيأمر بي فأقتل على غير تصحيح. فجلست وسكت.
قال أحمد: وسمعت أبا سليمان يقول: كنت بالعراق أعمل، وأنا بالشام أعرف. قال أحمد: فحدثت به ابنه سليمان فقال: إنما معرفة أبي بالله تعالى بالشام لطاعته بالعراق، ولو ازداد لله بالشام طاعة لازداد لله معرفة.
ابن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان يقول: كل ما شغلك عن الله عز وجل من أهل ومال أو ولد فهو عليك مشوم.
مسعود بن أبي جميل قال: سمعت أبا سليمان يقول: إنما عصى الله عز وجل من عصاه لهوانهم عليه، ولو كرموا عليه لحجزهم عن معاصيه.
أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان يقول: كلما ارتفعت منزلة القلب كانت العقوبة إليه أسرع.
أحمد بن أبي الحواري قال: قال لي أبو سليمان: من أي وجه أزال العاقل اللائمة عمن أساء إليه؟ قلت: لا أدري، قال: من أنه قد علم أن الله تعالى هو الذي ابتلاه به.
أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان يقول كنت ليلة باردة في المحراب فأفاقني البرد فخبأت إحدى يدي من البرد وبقيت الأخرى ممدودة، فغلبتني عيني فهتف بي هاتف: يا أبا سليمان قد وضعنا في هذه ما أصابها، ولو كانت الأخرى لوضعنا فيها ما أصابها. فآليت لا أدعو إلا ويداي خارجتان.
أحمد بن أبي الحواري قال: قال لي أبو سليمان الداراني: يا أحمد إني محدثك بحديث فلا تحدث به أحداً حتى أموت: نمت ذات ليلة عن وردي فإذا أنا بحوراء تنبهني وتقول: يا أبا سليمان تنام وأنا أربى لك في الخدور منذ خمسمائة عام؟.
أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان الداراني يقول: بينا أنا ساجد إذ ذهب بي النوم فإذا أنا بها، يعني الحوراء، قد ركضتني برجلها فقالت: حبيبي أترقد عيناك والملك يقظان ينظر إلى المتهجدين في تهجدهم؟ بؤساً لعين آثرت لذة النوم على لذة مناجاة العزيز، قم فقد دنا الفراغ ولقي المحبون بعضهم بعضاً، فما هذا الرقاد؟ حبيبي وقرة عيني، أترقد عيناك وأنا أربي لك في الخدور منذ كذا وكذا؟ فوثبت فزعاً وقد عرقت استحياء من توبيخها إياي وإن حلاوة منطقها لفي سمعي وقلبي.