الحج. فقال لي: معك شيء؟ قلت: لا، ليس معي غير هذه الركوة. فقال: إذا أردت شيئاً أو جعت أو عطشت فصل ركعتين واجعلها على يمينك، فإذا سلمت رأيت كل ما تحب، قال: فجئت إلى بعض المنازل وليس فيه ماء، والناس يصيحون: العطش. فقلت في نفسي: قد قال أبو عبيد ما قال وهو صادق. فأخذت الركوة فرميت بها في مصنع وصليت ركعتين، فما سلمت إلا والرياح تذهب بها وتجيء على رأس الماء. فنزلت فأخذت الركوة ثم صحت بالناس فجاءوا واستقوا حتى رووا.
أبو بكر بن معمر قال: سمعت ابن أبي عبيد البسري يحدث عن أبيه أنه غزا سنة من السنين، فخرج في السرية. فمات المهر الذي كان تحته وهو في السرية فقال: يا رب أعرنا إياه حتى نرجع إلى بسرى يعني قريته. فإذا المهر قائم. قال: فلما غزا ورجع إلى بسرى، قال: يا بني خذ السرج عن المهر. قال: قلت يا أبه هو عرق. فقال لي: يا بني هو عارية فلما أخذت السرج وقع المهر ميتاً.
أبو زرعة قال: كان أبو عبيد البسري بعرفة وإلى جانبه ابنه. فقال له: يهنئك الفارس، فقال له: يا أبه وأي فارس؟ فقال له: ولد لك الساعة غلام، فلما صرنا إلى بسرى وجدت زوجتي قد ولدت غلاماً يوم عرفة.
عبد الله غلام لأبي عبيد قال: كنت معه يوماً قاعداً بدمشق أنا وجماعة من إخوانه، إذ مر رجل على دابة وخلفه غلام له يعدو، وقدامه بيده غاشية. فلما حاذى أبا عبيد قال: اللهم أعتقني وأرحني منه. ثم قال: ادع الله عز وجل لي. فقال أبو عبيد: اللهم أعتقه من النار ومن الرق. فعثرت الدابة بمولاه فسقط إلى الأرض. فالتفت إلى الغلام وقال له: أنت حر لوجه الله عز وجل. قال: فرمى بالغاشية إليه وقال: يا مولاي أنت لم تعتقني وإنما أعتقني هؤلاء. فصحب أصحابنا وتوفي بينهم.
ابن أبي حسان قال: قال لي أبو عبيد البسري يوماً: يا أبا حسان ما غمي ولا أسفي إلا أن يجعلني مما عفا عنه. فقلت: يا أخي، الخلق على العفو تذابحوا. فقال: أجل. ولكن أي شيء اقبح بشيخ مثلي يوقف غداً بين يدي الله عز وجل، فيقال له: شيخ سوء كنت، اذهب فقد عفوت عنك؟ إنما أنا أملي في الله عز وجل أن يهب لي كل من أحبني.