للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يغفل قلب مع اليقين بالمحاسبة؟ من عرف وجوب حق الله عز وجل على عباده لم تستحل عيناه أبداً إلا بإعطاء المجهود من نفسه، خلق الله تعالى القلوب مساكن الذكر فصارت مساكن للشهوات، الشهوات مفسدة للقلوب وتلف للأموال، وإخلاق للوجوه، ولا يمحو الشهوات من القلوب إلا خوف مزعج أو شوق مقلق.

شعيب بن حرب قال: سمعت يوسف بن أسباط يقول: الزهد في الرياسة أشد من الزهد في الدنيا.

موسى بن طريف قال: سمعت يوسف بن أسباط يقول: لي أربعون سنة ما حك في صدري شيء إلا تركته.

قال ابن حبيق: وقال ابن بشار: قال لي يوسف بن أسباط: تعلموا صحة العمل من سقمه فإني تعلمته في اثنتين وعشرين سنة.

قال ابن حبيق: وقال يوسف، خرجت من شيح راجلاً حتى أتيت المصيصة، وجرابي على عنقي، فقام ذا من حانوته يسلم علي، وذا يسلم، فطرحت جرابي ودخلت المسجد أصلي ركعتين فأحدقوا بي، واطلع رجل في وجهي، فقلت في نفسي: كم بقاء قلبي على هذا؟ فأخذت جرابي ورجعت بعرقي وعنائي إلى شيح فما رجع إلي قلبي إلى سنتين.

عبد الله بن حبيق قال: قال يوسف بن أسباط: إني أخاف أن يعذب الله الناس بذنوب العلماء. وقال: الأشياء ثلاثة، حلال بين، وحرام بين، وشبهات بين ذلك، فالمؤمن إذا لم يجد الحلال تناول من الشبهات ما يقيمه.

قال ابن حبيق: وسمعت يوسف بن أسباط يقول: كان يقال: اعمل عمل رجل لا ينجيه إلا عمله، وتوكل توكل رجل لا يصيبه إلا ما كتب له.

وسمعت يوسف يقول: لي أربعون سنة ما ملكت قميصين.

وسمعته يقول: لا يقبل الله عز وجل عملاً فيه مثقال حبة من رئاء.

وكان يوسف يقول: اللهم عرفني نفسي، ولا تقطع رجاءك من قلبي.

قال ابن حبيق: وقال أبو جعفر الحذاء: كتبت إلى يوسف بن أسباط أشاوره في التحويل إلى الحجاز. فكتب إلي: أما ما ذكرت من تحويلك إلى الحجاز فليكن همك خبزك، وما أرى موضعك إلا أضبط للخبز من غيره، وما أحسب أحداً يفر من شر إلا وقع في أشر منه، وإنما يطيب الموضع بأهله، فقد ذهب من يؤنس به ويستراح إليه، وإذا علم الله منك الصدق رجوت أن لا يضيع لك، وإن كان الصدق قد رفع من الأرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>