أحمد بن أبي الحواري قال: أنا أحمد بن عاصم الأنطاكي قال: إذا صارت المعاملة إلى القلب استراحت الجوارح.
قال: وسمعته يقول: هاه غنيمة باردة أصلح فبما بقي يغفر لك ما قد مضى.
وسمعته يقول: ما أغبط أحداً إلا من عرف مولاه واشتهى أن لا أموت حتى أعرفه معرفة العارفين الذي يستحبونه لا معرفة التصديق.
أحمد بن عبد الله قال: سمعت أبي يقول: سمعت خالي عثمان بن محمد بن يوسف يقول: سمعت أبي يقول: قال أحمد بن عاصم: أنفع اليقين ما عظم في عينيك ما به أيقنت وأنفع الخوف ما حجزك عن المعاصي، وأطال منك الحزن على ما فات، وألزمك الفكر في بقية عمرك وخاتمة أمرك، وأنفع الصدق أن تقر لله عز وجل بعيوب نفسك، وأنفع الحياء أن تستحيي أن تسأله ما تحب وتأتي ما يكره، وأنفع الصبر ما قواك على خلاف هواك وأفضل الجهاد مجاهدتك نفسك لتردها إلى قبول الحق، وأوجب الأعداء منك مجاهدة أقربهم منك دنوا وأخفاهم عنك شخصاً وأعظم لك عداوة وهو إبليس. قلت: فما ترى في الأنس بالناس؟ قال: إن وجدت عاقلاً مأموناً فأنس به واهرب من سائرهم كهربك من السباع. قلت: فما أفضل ما أتقرب به إلى الله عز وجل؟ قال: ترك معاصيه الباطنة - قلت: فما بال الباطنة أولى من الظاهرة؟ قال: لأنك إذا اجتنبت الباطنة بطلت الظاهرة والباطنة، قلت: فما أضر الطاعات لي؟ قال: ما نسيت بها مساوئك، وجعلتها نصب عينيك إدلالاً بها وأمناً.
قال: وسمعته يقول: استكثر من الله عز وجل لنفسك قليل الرزق تخلصاً إلى الشكر، واستقلل من نفسك لله عز وجل كثير الطاعة إزراء على النفس وتعرضاً للعفو، واستجلب شدة التيقظ بشدة لاخوف؛ وادفع عظيم الحرص بإيثار القناعة، واقطع أسباب الطمع بصحة اليأس؛ وسد سبيل العجب بمعرفة النفس، وطلب راحة البدن بإجمام القلب، وتخلص إلى إجمام القلب بقلة الخلطاء، وتعرض لرقة القلب بدوام مجالسة أهل الذكر، وبادر بانتهاز البغية عند إمكان الفرصة، وأحذرك سوف.
قلت: لأحمد بن عاصم كلام كثير انتخبنا منه ما ذكرنا ولا نعلم له مسنداً.