سعيد بن مسلمة بن هشام الأموي قال: كانت أم البنين ابنة عبد العزيز بن مروان تبعث إلى نسائها فيجتمعن ويتحدثن عندها وهي قائمة تصلي ثم تنصرف إليهن فتقول: أحب حديثكم فإذا قمت في صلاتي لهوت عنكن ونسيتكن. قال: وكانت تكسوهن الثياب الحسنة وتعطيهن الدنانير وتقول: الكسوة لكن والدنانير اقسمنها بين فقرائكن. وكانت تقول: جعل لكل قوم نهمة في شيء، وجعلت نهمتي في البذل والإعطاء، والله للصلة والمواساة أحب إلي من الطعام الطيب على الجوع، ومن الشراب البارد على الظمأ، وكانت تقول: وهل ينال الخير إلا باصطناعه؟ وكانت تقول: ما حسدت أحداً قط على شيء، إلا أن يكون ذا معروف فإني كنت أحب أن أشركه في ذلك.
أحمد بن سهل قال: حدثني منصور، مولى بني أمية، قال: كانت أم البنين تعتق في كل جمعة رقبة، وتحمل على فرس في سبيل الله عز وجل.
قال محمد: وحدثني يوسف بن الحكم قال حدثني مروان بن محمد بن عبد الملك بن مروان قال: دخلت عزة على أم البنين. فقالت لها: يقول كثير:
قضى كل ذي دين علمت غريمه
وعزة ممطول معنى غريمها
ما كان هذا الدين يا عزة؟ فاستحيت. فقالت: علي ذلك. قالت: كنت وعدته قبلة فتحرجت منها. فقالت أم البنين: أنجزيها له وإثمها علي.
قال محمد: وقال لي يوسف بن الحكم: حدثني رجل من بني أمية يكنى أبا سعيد قال: بلغني أن أم البنين أعتقت لكلمتها هذه أربعين رقبة وكانت إذا ذكرتها بكت وقالت: ليتني خرست ولم أتكلم بها.
قال يوسف: وحدثني سعيد بن مسلمة بن هشام بن عبد الملك قال: حدثتني امرأة من أهلي قالت: سمعت أم البنين تقول: ما تحلى المتحلون بشيء أحسن عليهم من عظم مهابة الله في صدورهم.