التجار إليه بالعشية فطلبوها منه بربح خمسة آلاف درهم. فقال لهم: انصرفوا الليلة فجاءه من الغد تجار آخرون فطلبوا منه تلك البضاعة بربح عشرة آلاف درهم فردهم وقال: إني نويت البارحة أن أدفع إليهم بما طلبوا، يعني الذين طلبوا أول مرة، ففعل وقال: لا أحب أن أنقض نيتي.
مسبح بن سعيد قال: كان محمد بن إسماعيل البخاري إذا كان في أول ليلة من رمضان يجتمع إليه أصحابه فيصلي بهم فيقرأ في كل ركعة عشرين آية، وكان يقرأ في السحر ما بين النصف إلى الثلث من القرآن، فيختم عند السحر في كل ثلاث ليال، ويقول عند كل ختمة: دعوة مستجابة.
علي بن محمد بن منصور قال: سمعت أبي يقول: كنا في مجلس أبي عبد الله محمد بن إسماعيل، فرفع إنسان من لحيته قذاة فطرحها على الأرض، فرأيت محمد بن إسماعيل ينظر إليها وإلى الناس فلما غفل الناس رأيته مد يده فرفع القذاة من الأرض فأدخلها في كمه. فلما خرج من المسجد رأيته أخرجها فطرحها على الأرض.
محمد بن أبي حاتم قال: كنت أرى أبا عبد الله يقوم في ليلة واحدة خمس عشرة مرة إلى عشرين مرة في كل ذلك يأخذ القداحة فيوري ناراً ويسرج ثم يخرج أحاديث فيعلم عليها ثم يضع رأسه. وكان يصلي في وقت السحر ثلاث عشرة ركعة يوتر منها بواحدة.
بكر بن منير قال: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحداً.
قلت: فضائل البخاري كثيرة، وحفظه للحديث حفظ غزير قد شهد له الأكابر به حتى قال أحمد بن حنبل: ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل. وكان نحيف الجسم ليس بالطويل ولا بالقصير. ولد يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة لثلاث عشرة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة.
وتوفي ليلة السبت عند صلاة العشاء ليلة الفطر، ودفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر وذلك لغرة شوال من سنة ست وخمسين ومائتين وقبره بخرتنك.