قلت: تعرفون من كلامه شيئاً؟ قالوا: نعم، كلمة واحدة كان يغني بها إذا ضجر: إذا بك لم أجن يا حبيبي فبمن؟ قال سالم: فقلت عمي والله عليكم.
٨٧٧ - عباس المجنون
عن ابن المبارك قال: صعدت جبل لبنان فإذا برجل عليه جبة صوف مفتقة الأكمام، عليها مكتوب، لا تباع ولا تشترى، قد ائتزر بمئزر الخشوع، واتشح برداء القنوع. فلما رآني اختفى وراء شجرة. فناشدته بالله فظهر فقلت: إنكم معاشر العباد تصبرون على الوحدة، وتقاسون هذه القفار الموحشة، فضحك ووضع كمه على رأسه وأنشأ يقول:
يا حبيب القلوب من لي سواكا ... ارحم اليوم مذنباً قد أتاكا
أنت سؤلي ومنيتي وسروري ... قد أبى القلب أن يحب سواكا
ليس سؤلي من الجنان نعيم ... غير أني أريدها لأراكا
قال: ثم غاب عني فتعاهدت ذلك الموضع سنة لأقع عليه فلم أره. فلقيني غلام أبي سليمان الداراني فسألته عنه وأعطيته صفته فبكى وقال: واشوقاه إلى نظرة أخرى منه. فقلت: من هو؟ قال: ذاك عباس المجنون، يأكل في كل شهر أكلتين من ثمار الشجر ونبات الأرض، يتعبد منذ ستين سنة.
٨٧٧ - هو: عباس المعروف بالمجنون، في الشوق مضنون، وعن الخلق مخزون، كان لمحبوبه ساهرا، وعن بني جنسه سائرا، انظر حلية الأولياء ١٠/١٥٢.