رِواءً. قالت: فقال زوجي: والله يا حليمةُ ما أراك إلا قد أصبت نسمةً مباركةً، قد نام صبياناً وقد رِوينا ورَوِيا.
قالت: ثم خرجنا. قالت: فو الله لخرجت أتاني أمام الركب قد قطعتهم حتى ما يتعلق بها منهم أحد، حتى إنهم ليقولون: ويحكِ يا بنت الحارث، كفّي علينا، أليست هذه أتانك التي خرجت عليها؟ فأقول بلى والله. فيقولون: إن لها لشأناً. حتى قدمنا منازلنا من حاضر منازل بني سعد بن بكر. قالت: فقدمنا على أجدب أرض الله.
قالت: فوالذي نفس حليمة بيده إن كانوا ليسرحون أغنامهم إذا أصبحوا، وأسرح راعي غنمي وتروح غنمي حفلاً بطاناً وتروح أغنامهم جياعاً هالكة مالها من لبن، فنشرب ما شئنا من اللبن وما من الحاضر من أحد يحلب قطرة ولا يجدها. قالت: فيقولون لرعاتهم: ويلكم ألا تسرحون حيث يسرح راعي غنم حليمة؟ فيسرحون في الشِّعْب الذي تسرح فيه غنمي وتروح أغنامهم جياعاً مالها من لبن وتروح غنمي حفلاً لبناً.
قالت: وكان يشب في اليوم شباب الصبي في شهر، ويشب في الشهر شباب الصبي في سنة. قالت، فبلغ سنين وهو غلام جفر. قالت: فقدمنا به على أمه فقلت لها أو قال لها زوجي: دعي ابني فلنرجع به فإِنا نخشى عليه وباء مكة قالت: ونحن أضنّ شيء به لِما رأينا من بركته صلى الله عليه وسلم فلم نزل به حتى قالت: ارجعا به. قالت: فمكث عندنا شهرين.
قالت: فبينما هو يلعب يوماً من الأيام هو وأخوه خلف البيت إذا جاء أخوه يشتد فقال لي ولأبيه: أدركا أخي القرشي فقد جاءه رجلان فأضجعاه فشقّا بطنه قالت فخرجت وخرج أبوه يشتد نحوه فانتهينا إليه وهو قائم منتقع لونه فاعتنقتُه واعتنقه أبوه وقال: مالك يا بني؟ قال: أتاني رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني فشقّا بطني، والله ما أدري ما صنعا.
قالت: فاحتملناه فرجعنا به. قالت يقول زوجي: والله يا حليمة ما أرى الصبي إلا قد أصيب. فانطلقي فلنرده إلى أمه قبل أن يظهر به ما نتخوف عليه. قالت فرجعنا به إلى أمه، فقالت ما ردّكما به فقد كنتما حريصين عليه؟ فقلنا: لا والله إلا أنا كفلناه وادينا الذي علينا من الحق فيه، ثم تخوفنا عليه الأحداث فقلنا: يكون عند أمه قالت: فوالله ما زالت عند أمه فقالت: والله ما ذاك بكما فأخبراني خبركما وخبره. قالت: فوالله مازالت بنا حتى أخبرناها خبره. قالت أتخوفتما عليه؟ لا والله إن لإبني هذا شانا ألا أخبركما عنه: إني حملت به فلم احمل حملا قط هو أخف