فيهم، فأبدلهم بالنطق خرساً وبالسمع صمماً وبالحركات سكوناً. رحم الله امرءاً أبصر فتدبر، واتعظ فاعتبر، وعمل ليوم الحساب وخشي وقت العقاب. ثم قالت:
الموت يفني ولا يبقي على أحد ... ما أحسب الموت يبقي جدة الأبد
يا موت كم من كريم قد فجعت به ... من أقربيه ومن أهل ومن ولد
ثم قالت: تغمدكم الله بالرحمة وبلغ بكم شرف الهمة.
٩٣٣ - عاتكة الغنوية
وبالإسناد حدثنا القرشي قال: ذكر محمد بن الحسين قال: حدثني عبيد الله بن محمد التيمي قال: حدثني جليس لنا كان يقال له ضرار الطفاوي، قال: لقيتني امرأة من غني عابدة يقال لها عاتكة. فقالت: يا ضرار توسل إلى مولاك بجميع ما يمكنك من الوسائل، فإنك تجد ذلك لك موفراً عند حلول الأمور الجلائل، وانقطع إليه في حوائجك لديه يأت لك عليها على غير تعب منك ولا نصب. واعلم أنه لن ينال المطيعون في الدنيا لذة أحلى في صدورهم من الازدياد لله في طاعته بقربه، ولحلاوة ساعة من مطيع ألذ في قلوب المريدين من جميع ما أخرج إلى الدنيا من زهرة ولذة، ولن يجد المريد؟ فقد شيء تركه رجاء ثواب الله. فجد أي أخي قبل أن لا يمكنك الجد، وبادر قبل فوات المبادرة فإن الدنيا لا تطيب لعارفها وإنما تورطها أهل الغرة وعما قليل فسوف يعلمون. قال: أمسكت فقامت.
٩٣٤ - عليلة بنت الكميت
أبو خالد القرشي قال: استأذنا على عليلة بنت الكميت وكانت من العابدات قال: وذلك وقت الظهر. فقالوا: هي تصلي فلم نزل ننتظرها إلى العصر فلما صلت العصر أذنت لنا، فدخلنا عليها فقلنا: رحمك الله لم نزل عقوداً منذ الظهر ننتظرك. قالت: سبحان الله قعوداً لم تصلوا بين الظهر والعصر؟ قلنا لا. قالت: ما ظننت أن أحداً لا يصلي بين الظهر والعصر؟ قال: وانقبضت عنا انقباضاً شديداً.
٩٣٥ - هنيدة
عامر بن أسلم الباهلي، عن أبيه قال: كانت لنا جارية في الحي يقال لها: هنيدة فكانت تقوم إذا مضى من الليل ثلثه أو نصفه فتوقظ ولدها وزوجها وخدمها فتقول لهم: قوموا فتوضأوا وصلوا فستغتبطون بكلامي هذا، فكان هذا دأبها معهم حتى ماتت. فرأى زوجها في