عجب وهذا من أعجب أمرك. كيف آتي بيت المقدس ولم تسم لي أحداً ولم تصف لي موضعاً، ولا أدري إلى من أدفعه؟ قال: وخلف قدحاً وجرابه ذلك وعصاً كان يتوكأ عليها، قال: وكفناه في ثوبي إحرامه ولففنا العباء فوق ذلك. قال: فلما انقضى الحج قلت: والله لأنطلقن حتى أتيت بيت المقدس، فدخلت المسجد، وثم حلق قوم فقراء مساكين. قال؛ فبينا أنا أدور لأتصفح الناس، لا أدري عمن أسأل، إذ ناداني رجل من بعض تلك الحلق باسمي: يا فلان. فالتفت إليه فإذا شيخ كأنه صاحبي قال: هات ميراث فلان. قال: فدفعت إليه العصا والقدح والجراب ثم وليت قال: فوالله ما خرجت من المسجد حتى قلت لنفسي: تضرب من مكة إلى بيت المقدس وقد رأيت من الشيخ الأول ما رأيت، ورأيت من هذا الشيخ الثاني ما رأيت، ولا تسأل هؤلاء القوم أي شيء قصتهم وتسألهم عن أمرهم ومن هم؟ قال: فرجعت ومن رأيي أن لا أفارق هذا الشيخ الآخر حتى يموت أو أموت. قال: فجعلت أدور الحلق وأجهد على أن أعرفه أو أقع عليه فلم أقع عليه. قال: وجعلت أسأل عنه، وأقمت أياماً ببيت المقدس أطلبه وأسأل عنه، فلم أجد أحداً يدلني عليه. فرجعت منصرفاً إلى العراق.
٩٤٨ - عابد آخر
محمد بن سهل بن عسكر البخاري قال: كنت أمشي في طريق مكة إذ رأيت رجلاً مغربياً على بغل، وبين يديه مناد ينادي: من أصاب همياناً له ألف دينار قال: وإذا إنسان أعرج عليه أطمار رثة خلقان يقول للمغربي: أي شيء علامة الهميان؟ قال: كذا وكذا. وفيه بضائع لقوم وأنا أعطي من مالي ألف دينار. فقال الفقير: من يقرأ الكتابة؟ قال ابن عسكر: فقلت: أنا. فقال: إعدلوا بنا ناحية من الطريق. فعدلنا فأخرج الهميان فجعل المغربي يقول: حبتان لفلانة ابنة فلان بخمسمائة دينار، وحبة لفلانة بمائة دينار وجعل يعدد فإذا هو كما قال: فحل المغربي هميانة وقال: خذ ألف الدينار التي وعدت على وجادة الهميان. فقال الأعرج: لو كانت قيمة الهميان الذي أعطيتك عندي بعرتين ما كنت تراه، فكيف آخذ منك ألف دينار على ما هذا قيمته؟ وقام ومضى ولم يأخذ منه شيئاً.
٩٤٨ - عابد آخر
أبو الحسن اللؤلؤي، وكان خيراً فاضلاً قال: كنت في البحر فانكسر المركب وغرق كل ما