تقول لزوجها: قم ويحك إلى متى تنام؟ قم يا غافل قم يا بطال، إلى متى أنت في غفلتك؟ أقسمت عليك أن لا تكسب معيشتك إلا من حلال، أقسمت عليك أن لا تدخل النار من أجلي، بر أمك، صلا رحمك، لا تقطعهم فيقطع الله بك.
١٠١٢ - عابدة أخرى
الحسين بن جعفر قال: سمعت أبي قال: صليت العيد في الجبان ثم تفردت، فإذا أنا بعجوز رافعة يديها وهي تقول: انصرف الناس ولم أشعر قلبي اليأس يا صاحب الصدقة، ها أناذه منصرفة فليت شعري ما زودتني، رب ارحم ضعفي وكبر سني، خرجت أرجوك فلا تخيب ظني بك. وهي تبكي فما انتفعت بنفسي يومي كله.
١٠١٣ - عابدة أخرى
أبو عياش القطان بلغنا أنه كان ملك كثير المال وكانت له ابنة لم يكن له ولد غيرها، وكان يحبها حباً شديداً. وكان يلهيها بصنوف اللهو. فمكث كذلك زماناً، وكان إلى جانب الملك عابد، فبينا هو ليلة يقرأ إذ رفع صوته وهو يقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} التحريم: ٦ فسمعت الجارية قراءته فقالت لجواريها: كفوا. فلم يكفوا وجعل العابد يردد الآية والجارية تقول لهم: كفوا. فلم يكفوا. فوضعت يدها في جبيها فشقت ثيابها فانطلقوا إلى أبيها فأخبروه بالقصة. فأقبل إليها فقال: يا حبيبتي ما حالك منذ الليلة؟ ما يبكيك؟ وضمها إليه. فقالت: أسألك بالله يا أبه، لله عز وجل دار فيها نار وقودها الناس والحجارة؟ قال: نعم. قالت: وما يمنعك يا أبه أن تخبرني؟ والله لا أكلت طيباً ولا نمت على لين حتى أعلم أين منزلي في الجنة أو النار؟
١٠١٤ - عابدة أخرى
سعيد أبو عثمان، ثقة من أهل العلم، قال: نظر رجل إلى امرأة فقال: ما رأيت مثل هذا الحسن وهذه النضارة، وما ذاك إلا من قلة الحزن. فقالت: يا عبد الله، والله إني ليذبحني الحزن ما يشركني فيه أحد. قال: وكيف؟ قالت: ذبح زوجي شاة مضحياً، ولي صبيان يلعبان، فقال أكبرهما للأصغر: أريك كيف صنع أبي بالشاة؟ فعلقه فذبحه فما شعرنا به إلا متشحطاً، فلما استعلت الضجة هرب الغلام ناحية الجبل فرهقه ذئب، فأكله، ونحن لا نعلم، وابتعه أبوه يطلبه فمات عطشاً، فأفردني الدهر، قال: فكيف صبرك؟ قالت: لو رأيت في الجزع مدركاً ما اخترت عليه.