للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فانطلقنا ثم خرجنا حتى أتينا المسجد فقال لهم الوليد: هذا عثمان قد جاء يرد علي جواري. قال: قد صدق وقد وجدته وفياً كريم الجوار، ولكني قد أحببت أن لا أستجير بغير الله، فقد رددت عليه جواره. ثم انصرف عثمان ولبيدُ بن ربيعة في مجلس من مجالس قريش يُنشدهم، فجلس معهم عثمان، فقال لبيد وهو ينشدهم:

ألا كلُّ شيء ما خلا الله باطل

فقال عثمان: صدقت فقال:

وكلُّ نعيمٍ لا محالةَ زائل

فقال عثمان: كذبت، نعيم الجنة لا يزول. فقال لبيد: يا معشر قريش والله ما كان يؤذى جليسكُم فمتى حدث فيكُم هذا؟ فقال رجل من القوم: إن هذا سفيه في سفهاء معه قد فارقوا ديننا فلا تجِدنّ في نفسك من قوله. فرد عليه عثمان حتى شري أمرهما. فقام إليه ذلك الرجل فلطم عينه فخضّرها والوليد بن المغيرة قريب يرى ما بلغ. فقال: أما والله يا بن أخي إن كانت عينك عما أصابَها لغنيّة، لقد كنت في ذمة منيعة. فقال عثمان: بلى والله إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى ما أصاب أختها في الله، وإني في جوار مَن هو أعزّ منك وأقدر١.

وعن عائشة قالت: دخلت عليّ امرأة عثمان بن مظعون وهي باذّة الهيئة، فسألتها عن ذلك فقالت: زوجي يصوم النهار ويقوم الليل. فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فذكرتُ ذلك له. فلقي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: " يا عثمان إن الرهبانية لم تُكتب علينا، أفما لك في أسوة؟ فوالله إن أخشاكم لله وأحفظكم لحدوده لأنا".

وعن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على عثمان بن مظعون وهو ميت. قال: فرأيت دموع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسيل على خد عثمان بن مظعون.

وعن خارجة بن زيد الأنصاري أن أم العلاء امرأةً من نسائهم قد بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته أنه اقتُسم المهاجرون قُرعةً، قالت: فطار لنا عثمان بن مظعون. فاشتكى فمرّضناه، حتى إذا توفي وجعلناه في ثيابه دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: رحمة الله عليك أبا السائب، فشهادتي عليك لقد أكرمك الله. فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: "وما يدريكِ أن الله أكرمه؟ " فقلت: لا أدري، بأبي أنت وأمي يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما عثمان فقد جاءه والله اليقين، إني لأرجو له الخير، والله ما أدري وإني رسول الله ما يفعل


١ ضعيف: أخرجه أبو نعيم في الحلية ١/١٤٧. في ترجمة عثمان بن مظعون.

<<  <  ج: ص:  >  >>