ثم طاعنهم حتى انكسر رمحه، فقال: اللهم إني حميت دينك أول النهار فاحمِ لحمي آخره. فجرح رجلين وقتل واحداً، وقتلوه فأرادوا أن يحتزّوا رأسه فبعث الله الدبر فحمته، ثم بعث الله إليه سيلاً في الليل فحمله. وذلك يوم الرجيع. هكذا رواه محمد بن سعد.
وعن بُريدة بن سفيان الأسلمي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عاصم بن ثابت وزيد بن الدَثِنة، وخُبيب بن عدي، ومَرثَد بن أبي مَرثد، إلى بني لِحيان بالرجيع فقاتلوهم حتى أخذوا أماناً لأنفسهم إلا عاصماً فإنه أبى. وقال: لا أقبل اليوم عهداً من مشرك ودعا عند ذلك فقال: اللهم إني أحمي لك دينك فاحمِ لي لحمي. فجعل يقاتل وهو يقول:
ما علّتي وأنا جَلدٌ نابلُ ... والقوس فيها وتَرٌ عُنابِل
إن لم أقاتلهم فأمي هابل ... الموت حقّ والحياة باطل
وكُلُّ ما حَمَّ الإِلهُ نازل ... بالمرء والمرء إليه آئل
قال: فلما قتلوه قال بعضهم لبعض: هذا الذي آلت فيه المكية وهي سلافة. فأرادوا أن يحتزوا رأسه ليذهبوا به إليها، فبعث الله عز وجل رِجلاً من دَبرٍ فلم يستطيعوا أن يحتزوا رأسه رواه أبو يعلى الأصبهاني.