للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشيخ رحمه الله: وما زال. صلى الله عليه وسلم في صغره افضل الخلق مروءة وأحسنهم خلقاً وأصدقهم حديثاً وأبعدهم من الفحش والأذى حتى سماه قومه الأمين.

ذكر رعيه صلى الله عليه وسلم الغنم.

عن أبي هريرة عن النبي. صلى الله عليه وسلم قال: "ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم". فقال أصحابه: وأنت؟ قال: " نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة١". انفرد بإخراجه البخاري وقد رواه سويد بن سعيد عن عمرو بن أبي يحيى عن جده سعيد بن أحيحة، فقال فيه: " كنت أرعاها لأهل مكة بالقراريط". قال سويد بن سعيد يعني كلّ شاة بقيراط.

وقال إبراهيم الحربي: القراريط موضع ولم يُرد بذلك القراريطَ من الفضة.

ذكر خروجه صلى الله عليه وسلم إلى الشام مرة أخرى:

قد ذكرنا أنه خرج مع أبي طالب وهو ابن اثنتي عشرة سنة فلما بلغ خمسا وعشرين سنة قال له أبو طالب: أنا رجل لا مال لي وقد اشتدّ علينا الزمان، وهذه عِير قومك قد حصر خروجها إلى الشام، وخديجة تبعث رجالاً من قومك، فلو جئتها فعرضت نفسك عليها لأسرعت إليك.

وبلغ خديجة ما قال له أبو طالب فقالت: أنا أعطيك ضعف ما أعطي رجلاً من قومك. فقال أبو طالب: هذا رزق قد ساقه الله إليك.

فخرج مع غلامها ميسرة: وجعل عمومته يوصون به أهل العير حتى قدِما "بُصْرى "من الشام فنزلا في ظل شجرة، فقال نسطورا الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي. ثم قال لميسرة: أفي عينيه حمرة؟ قال: نعم لا تفارقه. فقال: هو نبي، وهو آخر الأنبياء. ثم باع سلعته فوقع بينه وبين رجل تلاحٍ فقال له: أحلف باللات والعزى. فقال رسول الله. صلى الله عليه وسلم ما حلفت بهما قط وإني لأمرؤ أعرض عنهما.. فقال الرجل: القول قولك. وكان ميسرة، إذا كانت الهاجرة واشتد الحرّ، يرى ملكين يظلان رسول الله. صلى الله عليه وسلم من الشمس.

ودخل رسول الله. صلى الله عليه وسلم مكة في ساعة الظهيرة وخديجة في عُلِيَّةٍ لها، فرأت رسول الله. صلى الله عليه وسلم على بعيره، وملكان يظلاّن عليه، فأرته نساءها فعجبن لذلك،

ودخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرها بما ربحوا في وجههم فسرّت بذلك، فلما دخل


١ صحيح: أخرجه البخاري في كتاب الإجارة حديث ٢٢٦٢. باب ٢. رعى الغنم على قراريط وابن ماجة في كتاب التجارات حديث ٢١٤٩. باب ٥. الصناعات.

<<  <  ج: ص:  >  >>