واقف على برذَوْن وعليه عِمامة بيضاء طرفها بين كتفيه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضعٌ يده على معرفة برذونه. فقلت: يا رسول الله لقد راعتني وثبتك، من هذا؟ قال:" أرأيتهِ؟ " قلت نعم. قال:" ومَن رأيتِ؟ " قلت: دحْية بن خليفة الكلبي قال: " ذلك جبريل عليه السلام".
حديث الإِفك:
عن الزهري قال: أخبرتي سعيد المسيب وعروة بن الزبير وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن حديث عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: لها أهل الإفك ما قالوا فبرّأها الله بما قالوا. وكلُّهم حدثني طائفة من حديثها وبعضهم كان اوعى لحديثها من بعض وأثبت اقتصاصاً. وقد وعيت عن كل منهم الحديث الذي حدثني وبعض حديثهم يُصدِّق بعضاً.
ذكروا أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد ان يخرج سفراً أقرع بين نسائه فَأَيَّتُهُنَّ خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه.
قالت عائشة: فاقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج فيها سهمي، فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك بعدما أنزل الحجاب، فأنا أحمل في هودجي وانزل فيه مسيرنا. حتى إذا فرغ رسول الله من غزوه وقفل ودنونا من المدينة اذن ليلةً بالرحيل فقمت حتى آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش فلما قضيت من شاني أقبلت الى الرَّحْل فلمست صدري فإذا عقدي من جزع ظَفار قد انقطع فرجعت فالتمست عِقدي فحبسني ابتغاؤه وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب وهم يحسبون اني فيه.
قالت: وكانت النساء اذ ذاك خفافا لم يُهَبَّلْنَ ولم يغْشهُنَّ اللحم، انما يأكلن العُلْقةَ من الطعام فلم يستنكر القوم ثِقَلَ الهودج حيت رحلوه ورفعوه. وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل وساروا ووجدت عِقدي بعد ما استمر الجيش. فجئت منازلهم وليس بها داعٍ ولا مجيب. فتيممت منزلي الذي كنت فيه وظننت ان القوم سيفقدوني فيرجعون إلَيَّ. فبينا انا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت وكان صفوان بن المعطَّل السُلَمِيُّ ثم الذَّكوانِيُّ قد عَرَّسَ من وراء الجيش فادلج فاصبح عند منزلي فرأى سواد انسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني وقد كان يراني قبل ان يضرب الحجاب عَلًيَّ فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فجمرت وجهي بجلبابي، ووالله ما يكلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، حتى اناخ راحلته فوطيء على يدها فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتى اتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة فهلك من هلك في شأني.