ثم أرسل اليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبها فقالت: مرحباً برسول الله صلى الله عليه وسلم ان فيّ خلالاً ثلاثاً: امرأة شديدة الغيرة، وانا امرأة مُصْبية، وانا امرأة ليس لي ها هنا احد اوليائي فيزوجني.
فغضب عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم اشد مما غضب لنفسه حين ردته. فأتاها عمر فقال: انت التي تردّين رسول الله صلى الله عليه وسلم بما تردينه؟ فقالت: يا بْنَ الخطاب لي كذا وكذا.
فاتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"اما ما ذكرت من غيرتك فاني ادعو الله عز وجل ان يذهبها عنك: واما ما ذكرت من صِبْيَتك فان الله عز وجل سيكفيكهم. واما ما ذكرتِ من انه ليس من أوليائك احد شاهد فليس من أوليائك احد شاهد ولا غائب يكرهني". وقال لابنها: زوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوّجه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اما اني لم انقصكِ مما أعطيت فلانة١.
قال ثابت: قلت لابن ام سلمة: ما اعطى فلانة؟ قال: اعطاها جرّتين تضع فيهما حاجتها، ورحىً ووسادة من أدم حشْوها ليف.
ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنها. فلما راته وضعت زينب اصغر ولدها في حجرها فلما رآها انصرف واقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنتها، فوضعتها في حجرها واقبل عمار مسرعاً بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتزعها من حُجرها وقال: هاتي هذه المشقوحة التي قد منعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما يرها في حجرها قال: اين زناب قالت: أخذها عمار. فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهله.
قال: وكانت في النساء كأنها ليست فيهن لا تجد ما يجدْن من الغيرة.
توفيت ام سلمة في سنة تسع وخمسين، وقيل سنة اثنتين وستين. وقُبرت بالبقيع وهي ابنة أربع وثمانين سنة رضي الله عنها.
١ صحيح: أخرجه أحمد في المسند ٢٦٧٣١. والنسائي في النكاح حديث ٣٢٥٤. باب ٢٨. إنكاح الإبن أمه.