للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما بعد فان الله عز وجل لم يخلقكم عبثا ولم يدع شيئا من أمركم سدى وان لكم معادا فخاب وخسر من خرج من رحمة الله وحرم الجنة التي عرضها السموات والأرض واشترى قليلا بكثير فانياً بباق وخوفا بامن إلا ترون أنكم في أسلاب الهالكين وسيخلفها بعدكم الباقون كذلك حتى ترد إلى خير الوارثين في كل يوم وليلة تشيعون غاديا ورائحا إلى الله عز وجل قد قضى نحبه وانقضى اجله حتى تغيبوه في صدع من الأرض في بطن صدع ثم تدعونه غير ممهد ولا موسد قد خلع الأسباب وفارق الأحباب وسكن التراب وواجه الحساب مرتهنا بعمله فقيرا إلى ما قدم غنيا عما ترك فاتقوا الله قبل نزول الموت وايم الله أني لأقول لكم هذه المقالة وما اعلم عند أحد مكنم من الذنوب ما اعلم عندي وما يبلغني عن أحد منكم ما يسعه ما عندي إلا وددت انه يمكنني تغييره حتى يستوي عيشنا وعيشه وايم الله لو أردت غير ذلك من الغضارة والعيش لكان اللسان مني به ذلولا عالما بأسبابه ولكن سبق من الله عز وجل كتاب ناطق وسنة عادلة دل فيها على طاعته ونهى فيها عن معصيته.

ثم وضع طرف ردائه على وجهه فبكى وشهق وبكى الناس وكانت آخر خطبة خطبها.

سعيد بن محمد الثقفي قال سمعت القاسم بن عزوان قال كان عمر بن عبد العزيز يتمثل بهذه الأبيات:

أيقظان أنت اليوم أم أنت نائم ... وكيف يطيق النوم حيران هائم

فلو كنت يقظان الغداة لحرقت ... مدامع عينيك الدموع السواجم

بل أصبحت في النوم الطويل وقد دنت ... إليك أمور مفظعات عظائم

نهارك يا مغرور سهو وغفلة ... وليلك نوم والردى لك لازم

يغرك ما يغنى وتشغل بالمنى ... كما غر باللذات في النوم حالم

وتشغل فيما سوف تكره غبه ... كذلك في الدنيا تعيش البهائم

وعن القاسم بن غزوان قال كان عمر بن عبد العزيز يتمثل بهذه الأبيات.

وعن هاشم قال لما كانت الصرعة التي هلك فيها عمر دخل عليه مسلمة بن عبد الملك فقال يا أمير المؤمنين انك أفقرت أفواه وولدك من هذا المال وتركتهم علية لا شيء لهم فلو وصيت بهم إلي والى نظرائي من أهل بيتك.

قال فقال اسندوني ثم قال أما قولك أني أفقرت أفواه ولدي من هذا المال فوالله أني ما منعتهم حقا هو لهم ولم أعطهم ما ليس لهم وأما قولك لو أوصيت بهم فان وصيي

<<  <  ج: ص:  >  >>