سمعت ابن شهاب يحدّث في الترغيب لقلت: لا يحسن إلا هذا، وان حدّث عن الأنبياء وأهل الكتاب لقلت: لا يُحسن إلا هذا، وإن حدّث عن الأعراب والأنساب لقلت لا يحسن إلا هذا. وان حدّث عن القرآن والسنة كان حديثه جامعاً.
وعن مالك بن أنس قال أول من دون العلم ابن شهاب.
وعن الزهري قال: ما استعدتُ حديثاً ولا شككتُ في حديثٍ قط إلا حديثاً واحداً فسألت صاحبي فإذا هو كما حفظت.
وعن يونس بن يزيد قال: سمعت الزهري يقول أن هذا العلم إن أخذته بالمكابرة غلبك، ولم تظفر منه بشيء، ولكن خُذه مع الأيام والليالي أخذاً رفيقاً تظفر به.
وعن سفيان قال: سمعت الزهري يقول: العلم ذكر لا يحبه إلا الذكور من الرجال.
وعن معمر، عن الزهري قال: ما عبد الله بشيء أفضل من العلم.
وعن عمرو بن دينار قال: ما رأيت أحداً أهون عليه الدينار والدرهم من ابن شهاب، وما كانت عنده إلا مثل البعر.
وعن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب انه كان يكون معه في السفر. قال: فكان يعطي من جاءه وسأله حتى إذا لم يبق معه شيء تسلَّف من أصحابه فلا يزالون يسلفونه حتى لا يبقى معهم شيء، فيحلفون انه لم يبق معهم شيء فيستسلف من عبيده فيقول: أي فلان أسلفني وأضعف لك كما تعلم فيسلفونه ولا يرى بذلك بأساً فربما جاءه السائل فيقول: أبشر فسيأتي الله بخير. فيقيّض الله لابن شهاب أحداً رجلين إما رجل يهدي له ما يسعهم وإما رجل يبيعه وينظره قال: وكان يطعمهم الثريد ويسقيهم العسل.
أسند ابن شهاب عن ابن عمر وانس بن مالك وسهل بن سعد والسائب بن يزيد وعبد الله بن ثعلبة وأبي أمامة بن سهل بن حنيف وعبد الله بن عامر بن ربيعة وعبد الرحمن بن ازهر ومحمود بن الربيع ومحمود بن لبيد ومسعود بن الحكم وكثير ابن العباس وسنين أبي جميلة وأبي مويهبة وأبي الطفيل في آخرين من الصحابة ويذكر انه رأى ابن الزبير والحسن والحسين وسمع منهم.
قال الواقدي: ولد الزهري في سنة ثمان وخمسين في آخر خلافة معاوية، وهي السنة التي ماتت فيها عائشة ومرض وأوصى أن يدفن على قارعة الطريق، ومات لسبع عشرة خلت من رمضان سنة أربع وعشرين ومائة وهو ابن خمس وسبعين سنة.