فلما لحقهما قال لنفسه تريد ان تمشي معهما لست لذلك بأهل امش خلفهما كما يمشي الخطاء المذنب مثلك قال فالتفت إليه الحواري فعرفه فقال في نفسه انظر إلى هذا الخبيث الشقي ومشيه وراءنا قال فاطلع الله على ما في قلوبهما من ندامته وتوبته ومن ازدراء الحواري إياه وتفضيله نفسه عليه.
قال فأوحى الله عز وجل إلى عيسى ابن مريم أن مر الحواري ولص بني إسرائيل أن يأتنفا العمل جميعا أما اللص فقد غفرت له ما قد مضى لندامته وتوبته وأما الحواري فقد حبط عمله لعجبه بنفسه وازدرائه هذا التواب.
قال وهيب وبلغنا أن الخبيث إبليس تبدى ليحيى بن زكريا عليهما السلام فقال له اني أريد انصحك قال كذبت أنت لا تنصحني ولكن اخبرني عن بني ادم قال هم عندنا على ثلاثة أصناف أما صنف منهم فهم اشدّ الأصناف علينا نقبل حتى نفتنه ونستمكن منه نم يفزع إلى الاستغفار والتوبة فيفسد علينا كل شيء أدركنا منه ثم نعود له فيعود فلا نحن نيأس منه ولا نحن ندرك منه حاجتنا فنحن من ذلك في عناء.
وأما الصنف الآخر فهم بين أيدينا بمنزلة الكرة في أيد صبيانكم نتلقفهم كيف شئنا فقد كفونا أنفسهم.
وأما الصنف الآخر فهم مثلك معصومون لا نقدر منهم على شيء.
فقال له يحيى على ذاك هل قدرت مني على شيء قال لا إلا مرة واحدة فانك قدمت طعاما تأكله فلم أزل أشهيه إليك حتى أكلت اكثر مما تريد فنمت تلك الليلة ولم تقم إلى الصلاة كما كنت تقوم إليها.
قال فقال له يحيى لا جرم لا شبعت من طعام أبدا حتى أموت فقال له الخبيث لا جرم لا نصحت آدميا بعدك.
محمد بن يزيد قال رأيت وهيب بن الورد صلى ذات يوم العيد فلما انصرف الناس جعلوا يمرون به فنظر إليهم ثم زفر ثم قال لئن كان هؤلاء القوم اصبحوا مستيقنين انه قد تُقُبِّل منهم شهرهم هذا لكان ينبغي لهم ان يكونوا مشاغيل بأداء الشكر عما هم فيه وإن كانت الأخرى لقد كان ينبغي لهم أن يصبحوا اشغل واشغل.
ثم قال كثيرا ما يأتيني من يسألني من إخواني فيقول يا أبا أمية ما بلغك عمن طاف سبعا بهذا البيت ما له من الأجر فأقول يغفر الله لنا ولكم بل سلوا عما أوجب الله تعالى من أداء الشكر في طواف هذا السبع ورزقه إياه حين حرم غيره.