ظننت فنزل الى دار مستفلة خلقه الباب والمدخل فسمعته يقول يا لبابة قالت له لبيك ابا غياث قال وجدت صاحب الهميان ينادي عليه مطلقا فقلت له قيده بان تجعل لواجده شيئا فقال كم فقلت عشره فقال لا ولكنا نحيله على الله عز وجل فاي شيء نعمل ولا بد لي من رده فقالت له نقاسي الفقر معك منذ خمسين سنة ولك اربع بنات واختان وانا وامي وانت تاسع القوم اشبعناواكسنا ولعل الله عز وجل يغنيك فتعطيه او يكافئه عنك ويقضيه: فقال لها لست افعل ولا احرق حشاشتي بعد ست وثمانين سنة.
قال ثم سكت القوم وانصرفت فلما ان كان من الغد على ساعات من النهار سمعت الخراساني يقول يا معاشر الحاج وفد الله من الحاضر والبادي من وجد هميانا فيه الف دينار فرده اضعف الله له الثواب قال فقام إليه الشيخ فقال يا خراساني قد قلت لك بالامس ونصحتك وبلدنا والله فقير قليل الزرع والضرع وقد قلت لك ان تدفع الى واجده مائة دينار فلعله ان يقع بيد رجل مؤمن يخاف الله عز وجل فامتنعت فقل له عشرة دنانير منها فيرده عليك ويكون له في العشرة الدنانير ستر وصيانة قال فقال له الخراساني لا نفعل ولكن نحيله على الله عز وجل قال ثم افترقا.
قال الطبري فما اتبعت الشيخ ولاالخراساني وجلست اكتب كتاب النسب للزبير بن بكار فلما كان من الغد سمعت الخراساني ينادي ذلك النداء بعينه فقام إليه الشيخ فقال له يا خراساني قلت لك اول امس العشر منه وقلت لك امس عشر العشر اعط دينار عشر عشر العشر يشتري بنصف دينار قريبة يستفي عليها للمقيمين بمكة بالاجرة وبنصف دينار شاة يحلبها ويجعل ذلك لعياله غذاء قال لا نفعل ولكن نحيله على الله عز وجل.
قال فجذبه الشيخ وقال له تعال خذ هميانك ودعني انام الليل وارحنا من محاسبتك فقال له امش بين يدي فمشى الشيخ وتبعه الخراساني وتبعتهما فدخل الشيخ فما لبث ان خرج وقال ادخل يا خراساني فدخل ودخلت فنبش تحت درجة له مزبلة فاخرج منها الهميان اسود من خرق بخارية غلاظ فقال هذا هميانك فنظر إليه وقال هذا هذا هيماني قال ثم حل راسه من شد وثيق ثم صب المال في حجر نفسه وقلبه مرارا وقال هذه دنانيرنا وامسك فم الهميان بيده الشمال ورد المال بيده اليمنى فيه ثم شده شدا سهلا ووضعه على كتفه ثم اراد الخروج فلما بلغ باب الدار رجع فقال للشيخ يا شيخ مات ابي رحمه الله وترك من هذه ثلاثة