فقام على رجليه قائما وضرب بنفسه على البساط وجعل يتقلب عليه ويقول يا بني نصحت اباك.
فقلت في نفسي كانه ابنه ثم جلس وجاؤوا بالماء فمسحوا وجهه وقال لي كيف عرفته فقصصت عليه قصته قال فبكى وقال هذا اول مولود ولد لي وكان أبي المهدي ذكر إلى زبيدة ان يزوجني فبصرت بهذه المراة فوقعت في قلبي وكانت حسنة فتزوجت بها سرا من أبي فاولدتها هذا المولود واحدرتها إلى البصرة واعطيتها هذا الخاتم واشياء وقلت اكتمي نفسك فإِذا بلغك اني قد قعدت للخلافة فأتيني فلما قعدت للخلافة سألت عنهما فذكر لي انهما ماتا ولم اعلم انه باق فاين دفنته قلت يا أمير المؤمنين دفنته في مقابر عبد الله بن مالك.
قال لي اليك حاجة إذا كان بعد المغرب فقف لي بالباب حتى أخرج اليك فأخرج متنكراً إلى قبره.
فوقفت له فخرج متنكراً والخدم حوله ووضع يده بيدي وصاخ بالخدم فتنحوا وجئت به إلى قبره فما زال ليلته يبكي إلى ان أصبح ويدير رأسه ولحيته على قبره يقول يا بني لقد نصحت اباك.
قال فجعلت أبكي لبكائه رحمة مني له لم سمع كلاما فقال كاني اسمع كلام الناس قلت اجل أصبحت يا أمير المؤمنين قد طلع الفجر فقال لي قد أمرت لك بعشرة آلاف درهم واكتب عيالك مع عيالي مع من تهتم به فان لك علي حقا بدفنك ولدي وان أنا مت أوصيت من يلي بعدي ان يجري عليك ما بقي لك عقب.
ثم أخذ بيدي حتى إذا بلغ قريبا من القصر ويده بيدي إذا الخدم فلما صاروا إلى القصر قال لي انظر ما وصيتك به إذا طلعت الشمس قف لي حتى انظر اليك وادعو بك فتحدثني حديثه قلت ان شاء الله فلم اعد إليه.
قلت وقد رويت لنا قصته من طريق آخر وفيها نوع مخالفة لهذه.
عن أبي بكر بن أبي الطيب قال بلغنا عن عبد الله بن الفرج العابد قال احتجت إلى صانع يصنع لي شيئا من امر الروز جاريين فأتيت السوق فجعلت ارمق الصناع فإِذا في آواخرهم شاب مصفر بين يديه زبيل كبير ومر وعليه جبة صوف ومئزر صوف فقلت له تعمل قال نعم قلت بكم قال بدرهم ودانق قلت له قم حتى تعمل قال على شريطه قلت ما هي قال إذا كان وقت الظهر واذن المؤذن خرجت وتطهرت وصليت في المسجد جماعة