وعن عمرو بن موسى بن فيروز قال رأيت بشرا ومعه رجل فتقدم إلى بئر ليشرب منها فجذبه بشر وقال تشرب من البئر الأخرى حتى جاوز ثلاثة ابار فقال له الرجل أبا نصر أنا عطشان فقال له بشر اسكت فهكذا ندفع الدنيا.
وعن إبراهيم الحربي قال سمعت بشر بن الحارث يقول بحسبك ان اقواما موتى تحيا القلوب بذكرهم وان أقواماً أحياء تعمى الأبصار بالنظر إليهم.
وعن عمرو بن موسى الأحول قال سمعت بشرا يقول يكون الرجل مرائيا في حياته مرائيا بعد موته قيل كيف يكون مرائيا بعد موته قال يحب ان يكثر الناس على جنازته.
وعن الحسن بن عمرو قال سمعت بشر بن الحارث يقول الصدقة أفضل من الحج والعمرة والجهاد.
ثم قال: ذاك يركب ويرجع ويراه الناس وهذا يعطي سرا لا يراه إلا الله عز وجل.
وسمعت بشرا يقول ما اقبح ان يطلب العالم فيقال هو بباب الأمير.
وعن أبي عبد الله الاسدي قال قال لي بشر الحافي يوما:
قطع الليالي مع الأيام في خلق ... والنوم تحت رواق الهم والقلق
أحرى واعذر لي من ان يقال غدا ... اني التمست الغنى من كف مختلق
قالوا قنعت بذا قلت القنوع غنى ... ليس الغنى كثرة الاموال والورق
رضيت بالله في عسري وفي يسري ... فلست اسلك إلا اوضح الطرق
رحل بشر بن الحارث رضي الله عنه في طلب العلم إلى مكة والكوفة والبصرة وسمع من وكيع وعيسى بن يونس وشريك بن عبد الله وابي معاوية وابي بكر بن عياش وحفص بن غياث واسماعيل بن علية وحماد بن زيد ومالك بن انس وابي يوسف القاضي وابن المبارك وهشيم والمعافى بن عمران والفضيل بن عياض وابي نعيم في خلق كثير.
غير انه لم يتصد للراوية فلم يضبط عنه من الحديث إلا اليسير.
وقد ذكرنا ما وقع الينا من حديثه وأخباره في كتاب افردناه لمناقبه وأخباره فلذلك اقتصرنا ههنا على ما ذكرنا.
وتوفي رضي الله عنه عشية الأربعاء لعشر بقين من ربيع الاول وقيل لعشر خلون من المحرم سنة سبع وعشرين ومائتين وقد بلغ من العمر خمسا وسبعين سنة وقيل سبعاً وسبعين.
عن يحيى بن عبد الحميد الحماني قال رأيت أبا نصر التمار وعلي بن المديني في جنازة بشر بن الحارث يصيحان هذا والله شرف الدنيا قبل شرف الآخرة.