ثم حمل الى دار الخلافة فاخبرني بعض الخدم ان المتوكل كان قاعدا وراء ستر فلما دخل ابي الدار قال لامه يا اماه قد انارت الدار ثم جاء خادم بمنديل فيه ثياب فالبس وهو لا يحرك يديه فلما صار الى الدار نزع الثياب عنه ثم جعل يبكي ثم قال سلمت من هؤلاء منذ ستين سنة حتى اذا كان في آخر عمري بليت بهم ثم قال يا صالح وجه هذه الثياب الى بغداد تباع وتصدق بثمنها ولا يشتري احد منكم شيئا منها.
واجريت له مائدة وثلج وضرب الخيش فلما راه تنحى فالقى نفسه على مضربة له وجعل يواصل ويفطر في كل ثلاث على تمر شهريز فمكث كذلك خمسة عشر يوما ثم جعل يفطر ليلة وليلة ولا يفطر الا على رغيف وكان اذا جيء بالمائدة توضع في الدهليز لكي لا يراها فياكل من حضر.
وامر المتوكل ان تشتري لنا دار فقال يا صالح لئن اقررت لهم بشراء دار لتكونن القطيعة بيني وبينك فلم يزل يدفع شرى الدار حتى اندفع.
ثم انحدرت الى بغداد وخلفت عبد الله عنده فاذا عبد الله قد قدم وقد جاء بثيابي التي كانت عنده فقلت له ما جاء بك فقال قال لي انحدر وقل لصالح لا تخرج فانتم كنتم افتي والله لو استقبلت من امري ما استدبرت ما اخرجت واحدا منكم معي ولولا مكانكم لمن كانت توضع هذه المائدة؟
وفي رواية اخرى ثم انه مرض فاذن له المتوكل في العود الى بغداد فعاد.
قال الشيخ وانما اقتصرنا على هذا اليسير من اخبار الامام احمد رضي الله عنه لانا قد افردنا لمناقبه وفضائله كتابا كبيرا يستوفيها فكرهنا الاعادة في التصانيف وذكرنا في ذلك الكتاب اسماء الاشياخ الذين لقيهم وروي عنهم.
وتوفي رضي الله عنه في سنة إحدى وأربعين ومائتين وقد استكمل سبعاً وسبعين سنة.
قال المروزي مرض ابوعبد الله ليلة الاربعاء لليلتين خلتا من شهر ربيع الاول سنة احدى واربعين ومائتين ومرض تسعة أيام وتسامع الناس فاقبلوا لعيادته ولزموا الباب الليل والنهار يبيتون فربما اذن للناس فيدخلون افواجا يسلمون عليه فيرد عليهم بيده.
وقال ابو عبد الله جاءني حاجب لابن طاهر فقال ان الامير يقرئك السلام وهو يشتهي ان يراك فقلت له هذا مما اكره وامير المؤمنين قد اعفاني مما اكره.
ووضأته فقال خلل الاصابع فلما كان يوم الجمعة اجتمع الناس حتى ملاوا السكك