وقال علي بن عبد الله اعتكف ابو محمد الحريري بمكة في سنة اثنتين وتسعين ومائتين فلم ياكل ولم ينم ولم يمد رجليه فقال له ابو بكر الكناني يا ابا محمد بماذا قدرت على اعتكافك فقال علم صدق باطين فاعانني على ظاهري.
وقال ابو الحسن الفارسي قال ابو محمد الحريري من توهم ان عملا من اعماله يوصله الى ماموله الاعلى والادنى فقد ضل عن طريقه لان النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لن ينجي احدكم عمله" ١ فما لا ينجي من المخوف كيف يبلغ الى المأمول؟ ومن صح اعتماده على فضل الله تعالى فذاك الذي يرجى له الوصول.
وقال محمد بن داود الدينوري سمعت ابا محمد الحريري يقول امرنا هذا كله مجموع على فصل واحد وهو ان تلزم قلبك المراقبة ويكون العلم على ظاهرك قائما.
وعنه قال سمعت ابا محمد الحريري يقول وكان عنده جماعة فقال هل فيكم من اذا اراد الله ان يحدث في المملكة حدثاً أبدى علمه الى وليه قبل ابدائه في كونه فقالوا لا.
قال مروا وابكوا على قلوب لم تجد من الله شيئا من هذا.
اخبرنا ابن ناصر بالاسناد عن ابي محمد الحريري قال من استولت عليه النفس صار اسيرا في حكم الشهوات محصوراً في سجن الهوى فحرم الله على قلبه الفوائد فلا يستلذ بكلامه ولا يستحليه وان كثر تردده على لسانه.
اسند الحريري الحديث وهو من كبار اصحاب الجنيد وصحب سهل بن عبد الله.
وتوفي رحمه الله في سنة احدى عشرة وثلاث مائة رحمه الله.