ففعل فقال عبد الصمد للجماهة من احتاج منكم الى شيء فلياخذه على قدر حاجته فتوزعها الجماعة على صفات مختلفة من القلة والكثرة ولم يمسها هو بيده ثم جاء ابنه بعد ساعة فطلت منه شيئا فقال له اذهب الى البقال فخد منه ربع رطل تمرا.
وقال التنوخي كنت يوم الجمعة في جامع المنصور والخطيب على المنبر وعلى يساري علي بن طلحة المقري البصري فمددت عيني فرأيت عبد الصمد بالقرب مني فهممت بالنهوض إليه وكان صديقاً لي فاحتشمت من القيام في مثل ذلك الوقت مع قرب قيام الصلاة فقام ومشى نحوي فقمت إليه فقال لي اجلس ايها القاضي فليس اليك قصدت ولا لك اردت بمجيئي انما هذا اردت واليه قصدت يعني ابن طلحة وذلك ان نفسي تأباه وتكرهه فاردت ان اذلها بصده واخالف ارادتها فقصدته فقام ابن طلحة إليه وقبل راسه وعاد عبد الصمد الى موضعه.
وعن محمد بن عبد الله بن احمد بن عبد الله السكري قال اجتاز عبد الصمد يوما بسوق الطعام فراى غلاما يقال له عزيز وقد خرج مع العيارين وكانت أيامهم والناس مجتمعون عليه وأبواه يبكيان ويعذلانه ويأبى عليهم.
فلما اكثر عليه قال لهما مثلي يقول شيئا يرجع عنه قد قلت لاصحابي اني منكم امضيا اطلبا عزيزاً غيري شاروفتي في جيبي.
يقال عبد الصمد رايته قد تابع الهوى على الوقاء مع علمه بانه اذا وقع في الشدائد لا يجريه فبايعت ربي على الوفاء مع علمي باني اذا وقعت في الشدائد يجيرني فاجتزت يوما بباب درب الديزج فشممت روائح طيبة فطالبتني نفسي بشيء منها فقلت اطلبي عبد الصمد غيري شاورفتي في جيبي.
قال وسمعت عبد الصمد يقول كنت يوما امشي في بعض الطرق واذا بساع قد اقبل من عدوه وقد بقي عليه من الطريق بقية والناس يستقبلونه بالتحف فقال له رجل أي فلان مت اليوم حتى تعيش ابدا فقلت لنفسي هذا لك موتي اليوم حتى تعيشي ابدا.
وعن ابي علي الحسن بن علي بن فهر القلاف قال قال عبد الصمد يا ابا علي رأيت اليوم عجبا اجتزت ببعض الخرابات فسمع منها أنينا فدخلت واذا برجل قد شد حبلا يريد ان يخنق نفسه فزعقت عليه وقلت له لا يحل لك ان تفعل هذا فقال لي فاعذر فقلت لي فاعذر فقلت وما شأنك والغدر قال قد قامرت في قتل نفسي فقمرتها وما ارى الغدر فنحيت الحبل من عنقه وعجبت كيف لم يستجز الغدر في هوى الشيطان فكيف يجوز الغدر في رضا الرحمن؟