حيان مات أبوك حيان ويوشك أن تموت أنت فإما إلى الجنة وإما إلى النار، ومات أبوك آدم وماتت أمك حواء يا بن حيان، ومات نوح نبي الله، ومات إبراهيم خليل الله، ومات موسى نجي الله، ومات داود خليفة الرحمن، ومات محمد صلى الله عليه وسلم وعلى جميع الأنبياء، ومات أبو بكر خليفة رسول الله، ومات أخي وصديقي عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
فقلت له: يرحمك الله إن عمر لم يمت. قال: بلى قد نعاه إلي ربي عز وجل، ونعى إلي نفسي، وأنا وأنت في الموتى.
ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ودعا بدعوات خفاف ثم قال: هذه وصيتي إياك: كتاب الله ونعي المرسلين ونعي صالح المؤمنين، فعليك بذكر الموت ولا يفارقن قلبك طرفة عين ما بقيت، وأنذر قومك إذا رجعت إليهم وانصح للأمة جميعاً، وإياك أن تفارق الجماعة فتفارق دينك وأنت لا تعلم، فتدخل النار، وادع لي ولنفسك.
ثم قال: اللهم إن هذا زعم أنه يحبني فيك وزارني من أجليك فعرفني وجهه في الجنة وأدخله على دارك، دار السلام، واحفظه ما دام حياً، وأرضه من الدنيا باليسير، واجعله لما أعطيته من نعمك من الشاكرين واجزه عني خيراً.
ثم قال: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، لا أراك بعد اليوم إن شاء الله تعالى رحمك الله فإني أكره الشهرة، والوحدة أحب إلي لأني كثير الغم ما دمت مع هؤلاء الناس، فلا تسأل عني ولا تطلبني، واعلم أنك مني على بال وإن لم أرك وتراني، واذكرني وادع لي فإني سأدعو لك وأذكرك إن شاء الله، فانطلق أنت ها هنا حتى آخذ أنا ههنا.
فحرصت على أن أمشي معه ساعة فأبى علي ففارقته أبكي ويبكي، فجعلت أنظر إليه حتى دخل بعض السكك.
ثم سألت بعد ذلك وطلبته فلم أجد أحداً يخبرني عنه بشيء، وما أتت علي جمعة إلا وأراه في منامي مرة أو مرتين.
عن أسير بن جابر أن أويساً القرني كان إذا حدث يقع حديثه في قلوبنا موقعاً ما يقع حديث غيره.
عن أسير بن جابر قال: كان محدث بالكوفة يحدثنا، فإذا فرغ من حديثه يقول: تفرقوا. ويبقى رهط فيهم رجل يتكلم بكلام لا أسمع أحد يتكلم بكلام فأحببته. ففقدته، فقلت