قال: فقدم مكة فأرسل إليه فأخذه فأخبرني يزيد بن عبد الله قال: أتينا سعيد بن جبير حين جيء به فإذا هو طيب النفس، وبنية له في حجرة، فنظرت إلى القيد فبكت فشيعناه إلى باب الجسر، فقال له الحرس: أعطنا كفلاء فإنا نخاف أن تغرق نفسك. قال يزيد: فكنت فيمن كفل به.
عن داود بن أبي هند قال: لما أخذ الحجاج سعيد بن جبير قال: ما أراني إلا مقتولاً، وسأخبركم أني كنت أنا وصاحبان لي دعونا حين وجدنا حلاوة الدعاء، ثم سألنا الشهادة فكلا صاحبي رزقها وأنا أنتظرها. فكأنه رآى أن الإجابة عند حلاوة الدعاء.
عن عمر بن سعيد قال: دعا سعيد بن جبير حين دعي ليقتل فجعل ابنه يبكي، فقال: ما يبكيك؟ ما بقاء أبيك بعد سبع وخمسين سنة.
عن الحسن قال: لما أتي الحجاج بسعيد بن جبير قال: أنت الشقي ابن كسير؟ قال: بل أنا سعيد بن جبير. قال: بل أنت الشقي ابن كسير قال: كانت أمي أعرف باسمي منك قال: ما تقول في محمد؟ قال: تعني النبي صلى الله عليه وسلم قال: نعم.
قال: سيد ولد آدم، المصطفى، خير من بقي وخير من مضى.
قال: فما تقول في أبي بكر الصديق؟ قال: الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مضى حميداً وعاش سعيداً، ومضى على منهاج نبيه صلى الله عليه وسلم لم يغير ولم يبدل.
قال: فما تقول في عمر؟ قال: عمر الفاروق خيرة الله وخيرة رسوله، مضى حميداً على منهاج صاحبيه لم يغير ولم يبدل.
قال: فما تقول في عثمان؟ قال: المقتول ظلماً، المجهز جيش العسرة الحافر بئر رومة، المشتري بيته في الجنة، صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنتيه، زوجه النبي صلى الله عليه وسلم بوحي من السماء.
قال: فما تقول في علي؟ قال: ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأول من أسلم، وزوج فاطمة وأبو الحسن والحسين.
قال: فما تقول في؟ قال: أنت أعلم بنفسك. قال: بث بعلمك قال: إذاً نسوءك ولا نسرك. قال: بث بعلمك. قال أعفني. قال: لا عفا الله عني إن أعفيتك. قال: إني لأعلم أنك مخالف لكتاب الله، ترى من نفسك أموراً تريد بها الهيبة وهي التي تقحمك الهلاك،