للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فما تقول في عبد الملك بن مروان؟ قال: إن يكن محسناً فعند الله ثواب إحسانه وإن يكن مسيئاً فلن يعجز الله، قال: فما تقول في؟ قال: أنت بنفسك أعلم.

قال: بث في علمك. قال: إذاً أسوءك ولا أسرك. قال: بث. قال: نعم، ظهر منك جور في حد الله، وجرأة على معاصيه بقتلك أولياء الله. قال: والله لأقطعنك قطعاً وأفرقن أعضاءك عضواً عضواً. قال: إذاً تفسد علي دنياي وأفسد عليك آخرتك، والقصاص أمامك. قال: الويل لك من الله. قال: لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار، قال: اذهبوا به، فاضربوا عنقه، قال سعيد: إني أشهدك أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أستحفظك بها حتى ألقاك يوم القيامة، فلما ذهبوا به ليقتل تبسم فقال له الحجاج: مم ضحكت؟ قال: من جرأتك على الله عز وجل. فقال الحجاج: أضجعوه للذبح فأضجع فقال: {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} . فقال الحجاج: اقلبوا ظهره إلى القبلة. فقرأ سعيد: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} فقال: كبوه على وجهه. فقرأ سعيد: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} : فذبح من قفاه، قال: فبلغ ذلك الحسن بن أبي الحسن البصري فقال: اللهم يا قاصم الجبابرة اقصم الحجاج، فما بقي إلا ثلاثاً حتى وقع في جوفه الدود فمات.

عن خلف بن خليفة، عن أبيه، قال: شهدت مقتل سعيد بن جبير، فلما بان رأسه قال: لا إله إلا الله، لا إله إلا الله. ثم قالها الثالثة فلم يتمها.

عن يحيى بن سعيد، عن كاتب الحجاج، يقال له يعلى، قال: كنت أكتب للحجاج وأنا يومئذ غلام حديث السن، فدخلت عليه يوماً بعد ما قتل سعيد بن جبير، وهو في قبة لها أربعة أبواب، فدخلت ما يلي ظهره فسمعته يقول: ما لي ولسعيد بن جبير؟ فخرجت رويداً، وعلمت أنه إن علم بي قتلني، فلم ينشب الحجاج بعد ذلك إلا يسيراً.

وفي رواية أخرى: عاش بعده خمسة عشر يوماً، وفي رواية: ثلاثة أيام وكان يقول: ما لي ولسعيد بن جبير؟ كلما أردت النوم أخذ برجلي.

عن عمرو بن ميمون، عن أبيه قال: لقد مات سعيد بن جبير وما على الأرض أحد إلا وهو يحتاج إلى علمه.

قال المؤلف: أسند سعيد بن جبير عن علي عليه السلام، وابن عمر، وابن عمرو، وأبي موسى وابن

<<  <  ج: ص:  >  >>