خلقي كما بدأني، ثم وقفني وسألني، ثم أشهدت الأمر الذي أذهلني وشغلت بنفسي من غيري، وسارت الجبال وليس لها مثل خطيئتي، وجمع الشمس والقمر وليس عليهما مثل حسابي، وانكدرت النجوم وليست تطلب بما عندي، وحشرت الوحوش ولم تعمل مثل عملي، وشاب الوليد وهو أقل ذنباً مني، ويحي ما أشد حالي وأعظم خطري، فاغفر لي واجعل طاعتك همتي ولا تعرض عني يوم تعرض، ولا تفضحني بسرائري ولا تخذلني بكثرة فضائحي، بأي عين أنظر إليك وقد علمت سرائري؟ وكيف أعتذر إليك إذا ختمت على لساني ونطقت جوارحي بكل الذي كان مني، إلهي أنا الذي ذكرت ذنوبي لم تقرعيني، أنا تائب إليك فاقبل ذلك مني، ولا تجعلني لنار جهنم وقوداً بعد توحيدي وإيماني برحتمك.
المسعودي، عن عون بن عبد الله قال: ما أحد ينزل الموت حق منزلته إلا عد غداً ليس من أجله، كم من مستقبل يوماً لا يستكمله، وراج غداً لا يبلغه، لو تنظرون إلى الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره.
عن ابن عجلان، عن عون بن عبد الله قال: إن تمام التقوى أن تبتغي إلى ما قد علمت منها علم ما لم تعلم، وإن النقص فيما قد علمت ترك ابتغاء الزيادة فيه، وإنما يحمل الرجل على ترك ابتغاء الزيادة قلة الانتفاع بما قد علم.
عن زيد العمي، عن عون بن عبد الله قال: كان أهل الخير يكتب بعضهم إلى بعض بهؤلاء الكلمات الثلاث ويلقى بها بعضهم بعضاً: من عمل لآخرته كفاه الله عز وجل دنياه، ومن أصلح ما بينه وبين الناس، أصلح الله ما بينه وبين الناس، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته.
أبي المحجل الأسدي قال: قال عون بن عبد الله: قلب التائب بمنزلة الزجاجة يؤثر فيها جميع ما أصابها، فالموعظة إلى قلوبهم سريعة، وهم إلى الرقة أقرب، فداووا القلوب بالتوبة، فلرب تائب دعته توبته إلى الجنة حتى أوفدته عليها، وجالسوا التوابين، فإن رحمة الله إلى التوابين أقرب.
عن أبي معشر قال: رأيت عون بن عبد الله في مجلس أبي حازم يبكي ويمسح وجهه بدموعه. فقيل له: لم تمسح وجهك بدموعك؟ قال: بلغني أنه لا تصيب دموع الإنسان مكاناً من جسده إلا حرم الله عز وجل ذلك المكان على النار.