قال: وجاءه فضيل يوماً فلم يفتح له، فجلس فضيل خارج الباب وهو داخل فبكى داود من داخل وفضيل من خارج، ولم يفتح له. قلت لمحمد بن بشر: كيف لم يفتح له الباب؟ قال: قد كان يفتح لهم. وكثروا عليه فغموه فحجبهم كلهم، فمن جاءه كلمه من وراء الباب، وقالت له أمه: لو اشتهيت شيئاً اتخذته لك. فقال: أجيدي يا أماه فإني أريد أن أدعو إخواناً لي. قال: فاتخذت وأجادت. قال: فقعد على الباب لا يمر سائل إلا أدخله. قال: فقدم إليهم فقالت له أمه: لو أكلت. قال: فمن أكله غيري.
قال: وإنما جد واجتهد حين ماتت أمه قسم كل شيء تركت حتى لزق بالأرض، وكانت موسرة.
إسحاق بن منصور قال: حدثني جنيد يعني الحجام قال: أتيت داود الطائي فإذا قرحة قد خرجت على لسانه فبططتها وأخرجت قليل دواء فوضعته في خرقة. فقلت: إذا كان الليل فضعه عليها. فقال: ارفع ذلك اللبد، فرفعته فإذا دينار فقال: خذه. قلت: يا أبا سليمان ليس هذا ثمن هذا، ثمن هذا دانق فوضعت الدواء في كوة وخرجت ثم غدوت بعد يومين فإذا الدواء على حاله. قلت: يا أبا سليمان سبحان الله، لم لم تعالج بهذا الدواء؟ فقال لي: إن أنت لم تأخذ الدينار لم أمسه.
إسماعيل بن زيان قال: حجم حجام داود الطائي أعطاه ديناراً لا يملك غيره.
حدثنا أبو سعيد السكري قال: احتجم داود الطائي فدفع ديناراً إلى الحجام فقيل له: هذا إسراف. فقال: لا عبادة لمن لا مروءة له.
عبادة بن كليب قال: قال رجل لداود الطائي: لو أمرت بما في سقف البيت من نسج العنكبوت فينظف، فقال: أما علمت أنه كان يكره فضول النظر.
الحسن بن عيسى قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: وهل الأمر إلا ما كان عليه داود الطائي.
عبيد الله بن محمود بن سلمة بن معبد قال: لقي داود الطائي رجلاً فسأله عن حديث، فقال: دعني إني أبادر خروج نفسي، وكان الثوري إذا ذكره قال: أبصر الطائي أمره.
أبو خالد الأحمر قال: مررت أنا وسفيان الثوري بمنزل داود الطائي فقال لي سفيان: ادخل بنا نسلم عليه. فدخلنا إليه فما احتفل بسفيان ولا انبسط إليه. فلما خرجنا قلت له: يا أبا عبد الله غاظني ما صنع بك. قال: وأي شيء صنع بي؟ قلت: لم يحفل بك ولم ينبسط إليك. قال: إن أبا سليمان لا يتهم في مودة، أما رأيت عينيه؟ هذا في شيء غير ما نحن فيه.