محمد بن إشكاب قال: قال داود الطائي: اليأس سبيل أعمالنا هذه، لكن القلوب تجر إلى الرجاء، عن الحماني قال: قلت لداود الطائي: ما ترى في الرمي فإني أحب أن أتعلمه؟ فقال: إن الرمي لحسن، ولكن إنما هي أيامك فانظر بما تقطعها.
أبو بكر محمد بن أبي داود قال: سمعت شيدويه يقول لداود الطائي: أرأيت رجلاً دخل على هؤلاء الأمراء فأمرهم بالمعروف ونهاهم عن المنكر؟ قال: أخاف عليه السوط قال: إنه يقوى قال: أخاف عليه السيف. قال: إنه يقوى، قال: أخاف عليه الداء الدفين العجب.
عن أبي نعيم قال: رأيت داود الطائي تدور في وجهه نملة عرضاً وطولاً لا يفطن بها. يعني من الهم.
أبو سعيد قال: حدثني سهل بن بكار قال: قالت أخت لداود الطائي: لو تنحيت من الشمس إلى الظل. فقال: هذه خطى لا أدري كيف تكتب.
عباس الترقفي قال: سمعت معاوية بن عمرو يقول: كنا عند داود الطائي يوماً، فدخلت الشمس من الكوة فقال له بعض من حضر: لو أذنت لي سددت هذه الكوة. فقال: كانوا يكرهون فضول النظر. وكنا عنده يوماً آخر فإذا بفروه قد تخرق وخرج خمله. فقال له بعض من حضر: لو أذنت لي خيطته فقال: كانوا يكرهون فضول الكلام.
أبو سعيد السكري قال: احتجم داود الطائي فدفع إلى الحجام دينارا فقيل له: هذا إسراف فقال: لا عبادة لمن لا مروءة له.
أبو داود الطيالسي قال: حضرت داود عند الموت فما رأيت أشد نزعاً منه، أتيناه من العشي ونحن نسمع نزعه قبل أن ندخل، ثم غدونا إليه وهو في النزع فلم نبرح حتى مات.
حفص بن عمر الجعفي قال: اشتكى داود الطائي أياماً وكان سبب علته أنه مر بآية فيها ذكر النار فكررها مراراً في ليلته فأصبح مريضاً. فوجده قد مات ورأسه على لبنة.
قال ابن السماك، حين مات داود الطائي: يا أيها الناس إن أهل الدنيا تعجلوا غموم القلب وهموم النفس وتعب الأبدان مع شدة الحساب، فالرغبة متعبة لأهلها في الدنيا والآخرة، والزهادة راحة لأهلها في الدنيا والآخرة، وإن داود الطائي نظر بقلبه إلى ما بين يديه فأغشى بصر قلبه بصر العيون فكأنه لم يبصر ما إليه تنظرون، وكأنكم لا تبصرون ما إليه ينظر. فإنكم منه تعجبون وهو منكم يتعجب، فلما نظر إليكم راغبين مغرورين قد ذهبت على الدنيا عقولكم