يوسف بن أسباط قال: قال لي سفيان، وقد صلينا العشاء الآخرة ناولني المطهرة فناولته فأخذها بيمينه ووضع يساره على خده. ونمت فاستيقظت وقد طلع الفجر فنظرت فإذا المطهرة بيمينه ويساره على خده، فقلت: يا أبا عبد الله هذا الفجر قد طلع. قال: لم أزل منذ ناولتني هذه المطهر أتفكر في أمر الآخرة حتى الساعة.
قال يوسف بن أسباط: كان سفيان الثوري إذا أخذ في الفكر بال الدم.
أبو يزيد محمد بن حسان قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: ما عاشرت في الناس رجلاً أرق من سفيان، وكنت أرمقه الليلة بعد الليلة فما كان ينام إلا أول الليل ثم ينتفض فزعاً مرعوباً ينادي: النار النار، شغلني ذكر النار عن النوم والشهوات، ثم يتوضأ ويقول على إثر وضوئه: اللهم إنك عالم بحاجتي غير معلم، وما أطلب إلا فكاك رقبتي من النار، إلهي: إن الجزع قد أرقني وذلك من نعمتك السابغة علي، إلهي: لو كان لي عذر في التخلي ما أقمت مع الناس طرفة عين ثم يقبل على صلاته. وكان البكاء يمنعه من القراءة حتى إن كنت لا أستطيع سماع قراءته من كثرة بكائه. وما كنت أقدر أن أنظر إليه استحياء وهيبة منه.
إسحاق بن إبراهيم الحنيني قال: كنا في مجلس الثوري وهو يسأل رجلاً عما يصنع في ليله فيخبره، حتى دار على القوم فقالوا: يا أبا عبد الله قد سألتنا فأخبرناك، فأخبرنا أنت كيف تصنع في ليلك؟ فقال: لها عندي أول الليل نومة تنام ما شاءت لا أمنعها إذا استيقظت فلا أقيلها والله.
صالح بن خليفة الكوفي قال: سمعت سفيان الثوري يقول: إن فجار القراء اتخذوا القرآن إلى الدنيا سلماً. قالوا: ندخل على الأمراء نفرج عن المكروب ونتكلم في محبوس.
علي بن حمزة ابن أخت سفيان قال: ذهبت ببول سفيان إلى الديراني وكان لا يخرج من باب الدير فأريته فقال: ليس هذا بول حنيفي. قلت: بلى والله من أفضلهم. فقال: أنا أجيء معك. فقلت لسفيان: قد جاء بنفسه. فقال: أدخله. فأدخلته فمس وجس عرقه ثم خرج. فقلت: أي شيء رأيت؟ قال: ما ظننت أن في الحنيفية مثل هذا، هذا رجل قد قطع الحزن كبده.