للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن حجر: كأنه لم يقف على الدليل، الدليل الثاني وهو كونه فاضلاً، وقد أخرج الإمام أحمد وصححه ابن حبان من طريق عطاء عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلاةٌ في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواها من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاةٌ في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في هذا)) يعني في مسجده -عليه الصلاة والسلام-، إذاً تكون الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، وحسبت الصلاة الواحدة قدرت بالسنين صارت خمساً وخمسين سنة، خمسة وخمسين سنة وستة أشهر وعشرين ليلة، هذا من حيث الفضل لا من حيث الإجزاء، يقول: أبروح أصلي لي فرض واحد وأجلس لي خمسة وخمسين سنة ما أصلي، إنما من حيث الفضل والأجر، ولا يقول شخص .. ، عاد مسألة التضعيف غير الصلاة مسألة خلافية، يقول شخص: أنا زكاتي مائة ألف أروح أطلع ريال واحد في المسجد الحرام بمائة ألف، وينتهي الإشكال، لا هذا ما يمكن، إنما المراد بذلك فضل الصلاة وغيرها من العبادات في هذا المكان المقدس.

استدل بهذا الحديث على تفضيل مكة على المدينة؛ لأن الأمكنة إنما تشرف بفضل العبادة فيها على غيرها، وهذا قول الجمهور، وحكي عن مالك أيضاً، ورجحه ابن عبد البر وجمعٌ من المالكية، والمشهور عن مالك وأكثر أصحابه أن المدينة أفضل من مكة؛ للحديث الذي يلي حديث الباب: ((ما بين بيتي ومنبري)) ونصوص أخرى، واستدل الجمهور بأدلة كثيرة منها: قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((والله إنك -يعني مكة- لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك لما خرجت)) حديثٌ صحيح مخرجٌ في السنن، وصححه ابن خزيمة وابن حبان.

على كل حال الأدلة على تفضيل مكة على المدينة أكثر، ولذا رجح ابن عبد البر وهو مالكي المذهب قول الجمهور.