يقول الإمام مالك -رحمه الله-: "أحسن ما سمعت في هذه الآية {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} إنما هي بمنزلة الآية التي في عبس وتولى قول الله -تبارك وتعالى-: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [(١١ - ١٦) سورة عبس] اللي هم من؟ الملائكة، إذاً {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} الملائكة، إذا كان هذا رأي الإمام مالك وقد قرر فيما قبل أن البشر لا يمسه منهم إلا المطهرون، بل الإمام مالك -رحمه الله- شدد في ذلك، هل مفاد كلام مالك أنه يرخص في كون البشر يمسون المصحف؟ يقول: "أحسن ما سمعت في هذه الآية {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [(٧٩) سورة الواقعة] إنما هي بمنزلة الآية التي في عبس وتولى قول الله -تبارك وتعالى-: {كَلَّا} يعني لا تفعل مثل هذا، {إِنَّهَا} أي الآيات {تَذْكِرَةٌ} عظة {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} وحفظ ذلك فاتعظ به {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ} عند الله -جل وعلا-، {مَرْفُوعَةٍ} في السماء، {مُطَهَّرَةٍ} منزهة، {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} كتبة، {كِرَامٍ بَرَرَةٍ} مطيعين لله -عز وجل- وهم الملائكة، قد يقول قائل: الإمام مالك شدد في قراءة .. ، في مس المصحف من وراء حائل، وهنا يقول: هذه الآية {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} هؤلاء الملائكة، الذي يقول:{لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} هم الملائكة ما هو بالطرف الثاني الذين يقولون: إن المحدث يجوز أن يمس المصحف؟ نعم هم الذين يستدلون بهذه الآية، إذاً هل الإمام مالك يقول بهذا القول؟ لا، لا يقول بهذا القول، لكن كون الآية لا تدل على المراد في بادئ الأمر، وإلا فهي من أقوى الأدلة حتى على القول بأن المراد الملائكة من أقوى الأدلة على أن القرآن لا يجوز مسه إلا بطهارة.