يقول:"وحدثني عن مالك عن عمارة بن عبد الله بن صياد" ابن صياد هذا الذي يقال: إنه الدجال، وكانوا يحلفون عليه، ثم تبين أنه غيره "عن سعيد بن المسيب أنه" أي عمارة "سمعه" سمع سعيداً "يقول في الباقيات الصالحات" يعني المذكورة في قوله تعالى: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا} [(٤٦) سورة الكهف] نعم سميت بذلك لأنه تعالى قابلها بالفانيات، الباقيات مقابلة بالفانيات الزائلات في قوله -جل وعلا-: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ} [(٤٦) سورة الكهف] لتتم المقابلة: "إنها قول العبد ذكراً كان أو أنثى: الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله" تلاحظون هنا تقديم التكبير، وفي بعضها تقديم التسبيح، وبعضها تقديم التحميد إلى آخره، وجاء في الخبر:((لا يضرك بأيهن بدأت)) أحب الكلام في مسلم وغيره مرفوعاً: ((أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا يضرك بأيهن بدأت)) وهذه هي غراس الجنة، هذه هي غراس الجنة.
أو ما سمعت بأنها القيعان ... فاغرس ما تشاء بذا الزمان الفاني
إلى آخره، المقصود أن هذه هي غراس الجنة، أقلل أو استكثر، اغرس لنفسك أو احرم نفسك، والطريق بين واضح، والله المستعان.
يقول:"وحدثني عن مالك عن زياد بن أبي زياد" ميسرة المخزومي المدني "أنه قال: قال أبو الدرداء" عويمر، ويقال: عامر بن زيد بن قيس الأنصاري: "ألا أخبركم" ألا: حرف تنبيه لتأكيد الجملة المدخولة "أخبركم"، وفي رواية:"أنبئكم"، "بخير أعمالكم" يعني أفضل الأعمال، "وأرفعها في درجاتكم" ومنازلكم في الجنة، "وأزكاها" أنماها وأطهرها، "عند مليككم، وخير لكم من إعطاء" يعني إنفاق "الذهب والورق" الفضة، "وخير لكم من أن تلقوا عدوكم" الكافر، "فتضربون أعناقهم"، تقتلونهم، "ويضربوا أعناقكم" يقتلونكم "قالوا: بلى" يعني: أخبرنا، "قال: "ذكر الله تعالى"، ذكر الله تعالى خير من هذه الأمور كلها، خير من إنفاق الذهب والورق، وخير من الجهاد في سبيل الله الذكر.