لا شك أن الحديث فيه كمال شفقة النبي -عليه الصلاة والسلام- على أمته، وفي الحديث أيضاً إثبات الشفاعة وهي كما قلنا: محل اتفاق ممن يعتد بقوله من علماء الأمة، ((لكل نبي دعوة مستجابة)) يعني هل من ضير أن نناقش بعض الدعوات النبوية أنها هل أجيبت أو لم تجب؟ يعني هل من سوء الأدب مع النبي -عليه الصلاة والسلام- أن نقول: إن دعوته في قوله: ((اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد)) أجيبت أو لم تجب؟ نعم؟ هل هذا من سوء الأدب مع النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ إذا عرفنا أن لكل نبي دعوة مستجابة، وما عدا ذلك من الدعوات على الرجاء، وسيأتي في حديث أنه لم يجب في دعوته الثالثة، نعم، هو دعا -عليه الصلاة والسلام-، دعا على أقوام، هل وقع فيهم ما دعا به عليهم؟ ودعا على أشخاص، ولعن أشخاص، ثم قال -عليه الصلاة والسلام-: ((اللهم اجعل دعوتي عليهم رحمة)) يعني بعد أن كانت لعنة تكون رحمة، وهذا من كمال شفقته -عليه الصلاة والسلام-، فلا يلزم من كل دعوة يدعو بها النبي -عليه الصلاة والسلام- أو غيره من الأنبياء أن تجاب، إنما المضمون دعوة بخلاف غيره، فغير الأنبياء جميع دعواتهم على الرجاء، فالمضمون للأنبياء دعوة مستجابة، وما عدا ذلك على الرجاء، وهم أولى الناس بإجابة الدعاء؛ لأنهم لا يدعون إلا مع توافر الأسباب، ومع انتفاء الموانع، فإذا توافرت الأسباب وانتفت الموانع ترتب الأثر، لكن لا يلزم من ذلك أن يجاب بنفس ما دعا به، على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى-.
"وحدثني عن مالك" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أما الشفاعة العظمى التي بواسطتها يتخلص الناس من هول الموقف هذا خاص، هذه خاصة به، له شفاعات خاصة، ولغيره أيضاً شفاعات، لكن الشفاعة لعصاة الموحدين لأمته، الشفاعة لأمته في الآخرة، هو يشفع لأهل الموقف كلهم، لكن شفاعته الخاصة بأمته نعم بإخراج العصاة نعم، ولا يبقى فيها من قال: لا إله إلا الله، -عليه الصلاة والسلام-، فهذه شفاعة من شفاعاته، وله أكثر من شفاعة.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد" وهنا فيه إسقاط، الأصل عن مسلم بن يسار أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو فيقول، ومسلم بن يسار تابعين فالخبر نعم مرسل.