"فيجعلون الرجال مما يلي الإمام، والنساء مما يلي القبلة" ويقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا صلى على الجنائز يسلم حتى يسمع من يليه" يسلم سلام التحليل من الصلاة التي افتتحها بالتكبير حتى يسمع من يليه، يعني كغيرها من الصلوات، وكذا كان يفعل أبو هريرة وابن سيرين، وبه قال أبو حنيفة والأوزاعي يجهر بالتسليم، ويروى عن مالك رواية أنه يسر بالتسليم، وبه قال الشافعي، إذاً كيف نعرف أن الإمام انتهى من صلاته على الجنازة؟ بانصرافه، يعلم تمام الصلاة بانصراف الإمام على قولهم بالإسرار، وإلا فالقول المعتمد في المسألة هو الجهر بالتسليم كالجهر بالتكبير.
يقول:"وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا يصلي الرجل على الجنازة إلا وهو طاهر" يعني من الحدثين، وبهذا قال جماهير أهل العلم، بل نقل ابن عبد البر الاتفاق على ذلك إلا ما يروى عن الشعبي، فالشعبي جوز صلاة الجنازة من غير طهارة، والجمهور دليلهم:((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) ((لا تقبل صلاة من غير طهور)) وهذه صلاة، لها جميع أحكام الصلاة، جوز شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- التيمم لمن خشي أن ترفع الجنازة، وجهة نظره -رحمه الله- أنه بديل عن الطهارة والطهارة لا يتمكن منها في الوقت المناسب المطلوب؛ لأنها لا يمكن أن يتطهر الطهارة الكاملة بالوضوء، فلما لم يستطع أن يتطهر بالوضوء يعدل إلى البدل وغيره لا يرون ذلك، لماذا؟ لأنه مع القدرة على استعمال الماء لا يصح التيمم، وذكرنا في أول الكتاب في المفاضلة بين الشروط بين الوقت والطهارة، وقلنا: إن رأي مالك تقديم الوقت عن الطهارة خلافاً للجمهور، وشيخ الإسلام كأنه يميل إلى رأي مالك، وهذا عند التزاحم والمسألة سبقت.